السعودية ليست بلدًا عاديًا وهذه حقيقة فالسعودية لديها مرتكزات ثلاث تشكل مرجعيتها التاريخية فهى مركز الإسلام، ومركز الطاقة الدولية، ومركز توازن عالمي وأقليمي، لهذا السبب يتابع العالم كله الظاهرة السعودية سواء كانت سياسية أو عقدية أو اقتصادية.. لم تعد الظاهرة السعودية كما كانت في الماضي ترتبط بالبترول أو تلك القضايا ذات العلاقة بالمرأة أو مسارات التشدد الديني التي شهدها المجتمع السعودي في الماضي، اليوم هناك تحدٍ جديد يواجه كل مهتم بالسعودية فلم يعد التحدي حول فهم السعودية يتمثل في شح المعلومات والأخبار عنها بل أصبح التحدي في كثرة هذه المعلومات وتحليل اتجاهاتها، فكما يبدو جليًا لم تعد السعودية بقيادة الشباب من أبنائها تمارس ذلك النمط من التباطؤ في معالجة الكثير من القضايا. عندما قال سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في مقابلته مع النيويورك تايمز الأسبوع المنصرم إنه يريد أن يرى إنجازاته تتحقق وأنه في عجلة من أمره فهذا يعني بكل وضوح أن الأيام المتشابهة في الحياة المجتمعية السعودية لم تعد موجودة، هناك قيادة حيوية ومجتمع يتناغم بهذه الحيوية مما يعني أن العجلة تتحرك بصوت يصل العالم وتتم الاستجابة لها محلياً وإقليماً ودولياً، فهذه الأيام أصبحت السعودية شاغلة العالم بما يجري فيها والكل يريد أن يتعرف على ملامح ومتسقبل " السعودية الجديدة" وكل ذلك بفعل هذه الحيوية التي أتت مع هذا الجيل الجديد الحاكم وعلى رأسهم سمو ولي العهد يعانقة على الجانب الآخر في المجتمع جيل من الشباب يتسق في الرؤية والاتجاه مع تلك السعودية الجديدة. السعودية تتغير وعلى الجميع التراجع خطوة للخلف من أجل إتاحة الفرصة للسعودية الشابة أن تقدم ما لديها، فالمتطلب التاريخي للتحول والتغيير الذي نحن أمامه أكبر من أن نفكر بتردد حول ما يجري بل أكبر من كل الأسئلة، فخلال السنتين الماضيتين تبين لنا بدقة أننا أمام مسار محسوبة خطواته بكل دقة، لذلك فكل ما يمكن إثباته اليوم أننا أمام مشروع يتطلب التنفيذ والإصرار، لأن التاريخ يخبرنا أن أعظم القادة والدول صموداً أمام - سلطة التاريخ - هي تلك الدول التي تختار بدقة الزمن والآلية المناسبة للتغيير، لأن أهم الصفات التي ينبذها التاريخ في الدول هي الأيام المتشابهة. في مقابلة سمو ولي العهد التي أجراها كاتب النيويورك تايمز "فريدمان" لم تكن الإجابات المقنعة والمباشرة سهلة - وكأنها ثمار على شجرة يسهل اقتطافها – الأسئلة كانت عميقة والإجابات كانت أكثر صراحة ووضوحاً، فنحن أمام عقليات سياسية وقيادات ذات نمط مختلف تفكر وتجيب بذات المباشرة والإقناع، من وجهة نظري كانت هذه المقابلة إزاحة للنمط التقليدي في مثل هذه المقابلات، لقد أحسست بعمق تلك الإجابات التي اختارها سمو ولي العهد للتعبير ليس عن نفسه فقط ولكن للتعبير عن مجتمع سعودي شاب يعوّل على الأمير محمد ويعول على مشروعه الشيء الكثير، فالصورة التي عبرت عنها تلك المقابلة تؤكد أن السعودية الجديدة تتحاشى بكل دقة "الارتطام بقوى التاريخ" فحين ترتطم الدول بقوى التاريخ يصعب عليها النهوض، ولعل ما أدركه سمو ولي العهد وانعكس في هذه المقابلة أن المعادلة السياسية والمجتمعية في السعودية تقتضي إحداث التغيير ودفع الثمن من أجل مستقبل السعودية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى. فهم المجتمع السعودي يتطلب الانغماس فيه بقوة، وأعتقد أن المشروع التحولي الذي تبناه سمو ولي العهد يعكس أن الكفاءة في فهم الخريطة الصحيحة للمجتمع السعودي ساهمت في انسياب كبير لكلمات سموه في تلك المقابلة وفي فهم متغيرات ووسائل العمل الذي يجب تنفيذه في المجتمع السعودي، لم يعد أحد قادراً على مقاومة الإغراء الإيجابي في مشروع التحول السعودي، بل إن عملية حسابية تجري في المجتمع وخاصة بين فئات الشباب تثبت تراكماً هائلاً في عدد المتفائلين والمتفاعلين والمشاركين من أجل السير نحو المستقبل بكل ثقة. السعودية ليست بلدًا عاديًا وهذه حقيقة فالسعودية لديها مرتكزات ثلاث تشكل مرجعيتها التاريخية فهى مركز الإسلام، ومركز الطاقة الدولية، ومركز توازن عالمي وأقليمي، لهذا السبب يتابع العالم كله الظاهرة السعودية سواء كانت سياسية أو عقدية أو اقتصادية، وما جاء في لقاء سمو ولي العهد جعلني شخصياً أومن أن هذه المرتكزات يتم استيعابها داخلياً بشكل أكبر مما يتوقع الآخرون خارج السعودية، وأجزم أن الشباب السعودي يشارك سمو الأمير في أنه يريد أن يرى إنجازاته بسرعة، نعم نحن أمام مشروع كبير بتحديات أكبر ولكنه ممكن الحدوث بفعل حيوية الشباب ومرجعية التاريخ وقوة القرار، ففي تجارب التاريخ هناك دول تغيرت صورها الحضارية في غضون عقود قليلة وأصبحت في المقدمة.