طالما ردد السعوديون أمنيتهم بحضور حفل كبير للنجم كاظم الساهر في بلادهم، خاصة بعد عودة الحفلات الغنائية للمملكة ومع تكرر الأسماء والأماكن والأغاني. لكن غياب اسم «القيصر» طال وزادت مطالب الجمهور الباحث عن فنان يعيد توازن الذوق الفني، وقد استجابت هيئة الترفيه لهذه المطالب وأعلنت أول أمس عن حفلتين للفنان في جدةوالرياض يومي 28 و29 نوفمبر، في خطوة تضيف الكثير لصناعة الترفيه للمملكة. مثل هذه الاستقطابات الفنية قد تتيح للجمهور أن يسمع ألواناً فنية مختلفة، ويمنحه الحرية لاختيار ما يناسب ذوقه من أغان، لا أن يكون مجبراً على نوع محدد من الحفلات التي لا تضم في الغالب سوى نوع واحد من الأغاني الراقصة التي لا تمت للمشاعر ولا للإبداع الذي ينشده متذوقو الموسيقى في المملكة. كيف ستكون ردّة فعل الفنانين في الخليج العربي وهم يتابعون فرحة الجمهور السعودي بحفلتي الفنان كاظم الساهر؟ ماذا سيقدمون بعد ذلك وهم تعودوا على تحويل حفلاتهم إلى منصة للرقص والصراخ؟. هذه الحفاوة دليل نضج ووعي فني من الجمهور السعودي الذي كان متهماً في السابق بأنه من يبحث عن الأغاني السطحية ولا يفهم الموسيقى الراقية. هيئة الترفيه والمهتمون بالثقافة الفنية كما يبدو وضعوا أولى اهتماماتهم تصحيح مسار الوعي الفني وإبرازه كثقافة مجتمعية تعكس حجم التنوع في المملكة. قال القيصر كاظم الساهر ل»الرياض» في مناسبة سابقة غنيت للشعراء السعوديين ومن ألحان كبار الفن، وعلاقتي بالموسيقى والألوان السعودية عميقة، ولا شك أن ظهوره المرتقب في المملكة سيؤكد حجم العلاقة القوية التي تربط هذا الفنان الكبير بجمهوره. كما سيجبر الفنانين الآخرين الذين تصدروا أغلب الحفلات في الفترة الماضية على أن يعيدوا حساباتهم من جديد وأن يدركوا بأن الفن والغناء ليس «طيران» وركض على المسرح! بل «سلطنة» طربية تختلف عما يقدمونه في حفلاتهم. الجمهور السعودي يحتاج لمثل هذا التغير الإيجابي في نشاط الهيئة، ونتمنى أن يكون مهندس ملحمة «جلجامش» ليس آخر الأسماء الطربية التي تقدم مذاقاً فنياً مختلفاً وعميقاً ورصيناً.