لم يأتِ لقاء رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل سعد الحريري مساء الأحد لوضع حد لشائعات روجها خصوم الحريري عن مناخ الاستقالة وظروفها فحسب، بل تجاوزها لتأكيد المؤكد في أن المملكة لم تتدخل في الشأن اللبناني إلا عندما أُطلقت الصواريخ الإيرانية من معاقل الحوثي بإدارة حزب الله الإرهابي باتجاه عاصمتنا، هنا كان لزاماً أن يرتفع الصوت السعودي مطالباً لبنان الذي يضم عدة مكونات أحدها يناصب المملكة العداء، ويعمل على ذلك من خلال أشكال مختلفة الدعم لمليشيات الحوثي، رغم تأكيد الرئيس الحريري الذي ظهر حبه لبلده مع دموع خوفه عليه بقوله: "إن استقرار لبنان واقتصاده وحريته أمور أساسية للسعودية". ترى هل يدرك المغيبون في ساحة الإعلام اللبناني؛ قيمة التوجه الذي تحدث به صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد مع الرئيس الحريري، للاستعانة بخبرات وقدرات لبنانية في مشروع المستقبل السعودي "نيوم"، هل يدرك هؤلاء عمق الاهتمام السعودي بوطنهم، هل يعي أولئك المسيرون في فلك إيران وأتباعها الغاوين، أن لبنان عربية الهوى، والانتماء، والجذور، والامتداد. من الطبيعي أن يستمر إعلام الظلام في الضاحية الجنوبية من بيروت، وأعوانه مكذباً حرية الرئيس المستقيل الذي ضاق ذرعاً بتدخلات مليشيا الحزب الإرهابي في الدول العربية، ومشككاً بمسببات الاستقالة "التي كان يراد لها أن تكون صدمة إيجابية" حسب حديث الحريري المتحسر على حال بلده، في حديث كشف الغطاء عن (حزب الله) وتدخلاته في شؤون الدول العربية؛ رغم العهد بين جميع مكونات الحكومة على أن يكون "النأي بالنفس" عنواناً لحقبة العهد الجديد التي بدأها الرئيس اللبناني ميشال عون. لاشك أن لبنان قبل استقالة الحريري، وحديث التوضيح، لن يكون كما بعده؛ إذ لا خيار أمام الساسة اللبنانيين غير النأي بالنفس شعاراً وعملاً.