يتخوف منتجو البتروكيماويات في العالم من عدم تطور تقنيات صناعة الكيماويات اعتماداً على المنتجات النفطية المكررة ما ينبئ بمستقبل غير مشرق للمجمعات الجديدة الضخمة المدمجة للتكرير والبتروكيماويات في ظل العلاقة الضعيفة واتساع الفجوة بين القطاعين مما حدا بالكثير من الشركات الريادية وأبرزها شركة "بي بي" البريطانية لبيع والتخلص من معظم أعمالها الكيميائية في السنوات الأخيرة. في وقت تعتبر المواد الكيميائية الآن المحرك الرئيس لنمو الطلب على استخدام النفط الخام، وخاصة في المناطق الناضجة؛ حيث من المتوقع أن ينخفض الطلب على وقود النقل على المدى الطويل، وفق تنبؤات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبيك)، والتي توقعت انخفاضا حادا في استخدام وقود النقل في بلدان (أوبيك)، إضافة إلى توقعات بتزايد نمو الطلب على النفط الخام من 1.3 مليون برميل في اليوم خلال الفترة 2016-2020 منخفضة إلى 0.3 مليون برميل يوميا في الفترة 2035-2040. وتقر أوبك بأن النفط سيواجه منافسة شديدة من مصادر الطاقة الأخرى، فضلا عن تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي، والتحول إلى الاقتصادات الموجهة نحو الخدمات، والتشريعات والتحسينات التكنولوجية؛ حيث سيؤدي ارتفاع محركات الاحتراق الداخلي فائقة الكفاءة والسيارات الكهربائية إلى زيادة الطلب. في حين انخفضت توقعات نمو الطلب على الديزل/ غاز النفط مقارنة بالعام الماضي. وقد كان لفضائح انبعاثات الديزل تأثير حقيقي على المواقف الاستهلاكية والتشريعية تجاه الوقود. وقد أثار المزيد من المعلومات حول التأثيرات الضارة على صحة الإنسان من جسيمات الانبعاث استياء المشرعين والجمهور عند اتخاذ قرارات الشراء. وعلى الصعيد العالمي لايزال استخدام النفط للنقل البري أكبر محرك للنمو حتى 2040 بطاقة 5.9 ملايين برميل في اليوم، تليها البتروكيماويات بطاقة 3.9 ملايين برميل في اليوم، إلا أن الاعتماد على السيارات الكهربائية الذي بدأ يأخذ وتيرة متسارعة من المرجح أن يخفض الطلب على النفط. وفي المناطق المتقدمة، ستعاني شركات النفط من انخفاض حاد في الطلب على وقود النقل البري بنسبة 30 %، مما قد يدفع مصافي التكرير للبحث عن المواد الكيميائية الموجودة في النافثا كمحرك للنمو، على الرغم من أن الطلب المحلي قد لا يكون قويا جدا بسبب انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي. وتنبأت منظمة الأوبك بأن النافثا هو المنتج الأسرع نموا، ويرجع ذلك بشكل رئيس إلى الطلب المتنامي على البتروكيماويات في الصين وأجزاء أخرى من آسيا، مع وجود طلب قوي على الإيثان خلال الفترة ذاتها. واستحوذت شركات النفط على هذه الاتجاهات وهي تستثمر الآن بكثافة في المواد الكيميائية بحثا عن النمو، في حين أن معظم الشركات الكبرى تستثمر بشكل كبير في توسعات مدفوعة بالإيثان في الولاياتالمتحدة، فضلا عن مشاريع أخرى في الشرق الأوسط والصين. وفي هذا الصدد انتقلت شركة "شل" إلى مرحلة البناء لمشروع البتروكيماويات في ولاية بنسلفانيا في الولاياتالمتحدة، فيما تستثمر أيضاً بكثافة في الصين من خلال مشروع مشترك مع شركة الصين الوطنية للنفط، في وقت لا تزال "شل" تستثمر في عملياتها الكيميائية في أوروبا وتدشينها مجمعا للعطريات في هولندا العام الماضي، بينما وضعت الشركة ضمن أولوياتها للنمو الاستثمار في المواد الكيميائية التي تم تحديدها، مع بقاء تجارة التسويق والتكرير كمحركات نقدية. ونجحت بعض دول الشرق الأوسط في التوجه نحو التنويع بعيدا عن الاعتماد على عائدات النفط لسنوات، لتجني تلك الدول عوائد قوية وأبرزها مشروع صدارة المشترك بين أرامكو السعودية وشركة داو كيميكال، والذي نجح في شحن مجموعة واسعة من المنتجات عالميا. كما باعت دفعاتها الأولى من البوليمر الميثيلين وثنائي إيزوسيانات الميثيلين إلى السوق المحلية في نوفمبر. في حين وصفت شركة صدارة بطاقاتها واستثماراتها الهائلة بطاقة ثلاثة ملايين طن متري سنوياً وبتكلفة 75 مليار ريال كأول شركة تحقق السبق بمنطقة الشرق الأوسط في استخدام السوائل النفطية مثل النافثا كلقيم خام لإنتاج البتروكيماويات ومنح المملكة الصدارة في إنتاج مجموعة من المنتجات الوسيطة بما في ذلك الأيزوسيانات لدعم قطاع الصناعات التحويلية. وهذا النجاح الذي حققته صدارة في استخدام مشتقات النفط لقيما للبتروكيميائيات يؤكد المستقبل المشرق للمواد الكيميائية في أسواق النفط، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط المستخدم في قطاع البتروكيماويات بنسبة 31 % أو 3.9 ملايين برميل يوميا من 2016-2040. وباستثناء الميثانول، يبلغ الإنتاج الكيميائي حاليا 434 مليون طن سنوياً، ليصل إلى 515 مليون طن بحلول عام 2022. إلا أن معظم الطاقات الإنتاجية العالمية الجديدة تم تحديدها في الصين التي سوف تضيف طاقة 23 مليون طن، والشرق الأوسط طاقة 18 مليون طن، وأميركا الشمالية 14 مليون طن، في حين سيشكل الإيثيلين الجزء الأكبر من هذا الرقم، وهو ما يمثل أكثر من 50 % (42 مليون طن)، فيما سيضيف البروبيلين طاقة 20 مليون طن.