لاريب أن المشروعات العملاقة تنبثق من رؤية تستشرف النظرة البعيدة وتحوي في مضمونها دلالات عميقة بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية, بل وحتى البيئية, حيث إن التوزيع الجغرافي واستثمار المساحات في غاية الأهمية للتنمية المستدامة. ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان "وفقه الله" وسدد خطاه, ينطلق بنا إلى المراحل المتقدمة ويمضي إلى حيث الاتزان في الفكر والرؤية، ومن المعلوم أن المشروعات الكبيرة تتطلب جهداً وصبراً ليكون التحقيق موازياً للتطلعات ومواكباً للاحتياجات، فبقدر ما يحمل الاقتصاد على كاهله هذه المشروعات، بقدر ما يكون المجتمع الداعم الرئيس لاجتياز المراحل التي تتطلبها وفق التوجهات والخطط المرسومة والمعدة لهذا الغرض. دائما الأفكار تؤُسس وأعمدتها المبادرة والإرادة والصبر والمثابرة، فإذا تهيأت هذه العناصر فإنها ستحمي المستوى المؤهل للتمرير والإنجاز، في حين أن المرونة في استيعاب المستجدات بصيغة سلسة تتوافق مع القيم والمبادئ بدون زيادة مضلة أو نقصان مخل ستسهم في تهيئة التمازج والانسجام مع هذا التحول بمعزل عن التوجس السلبي الذي ليس له ما يبرره سوى افتراضات وهمية تقف حجر عثرة أمام التطوير وسبل النهضة الشاملة، فلنعبر جسر التطوير خلف قيادتنا الرشيدة بلغة الواثق من نفسه المؤمن بربه ولنلق بالتوجسات السلبية خلف ظهورنا. إن التنويع في المصادر يثري مسائل التطور ويحيط بالمقومات بمنظور يتحسس ما يتحقق وسيتحقق بإذن الله للأجيال القادمة برؤية واقعية فاحصة ووفق استشراف يحدوه الإخلاص وحب الوطن الذي يبذل من أجله الجميع الغالي والنفيس، إن بناء الإستراتيجيات الفاعلة تتطلب المشاركة من مختلف المشارب وتكاتف الجميع لتؤسس لقاعدة متينة تتكئ عليها المقومات بحس المسؤولية والعمل وبذل الجهد والاجتهاد في هذا الإطار، وهذه ليست أحلاماً مادامت الآمال معقودة على شحذ الهمم ومن سار على الدرب وصل، في حين يسهم في انسيابية التمرير انتشار الأدوات المساندة والناقلة للعلم والمعرفة بيسر وسهولة وتداولها بين الجميع، إن المشروعات الضخمة لا سيما ما يتعلق منها ببناء الفكر ينبغي أن تلقي بالارتجال جانباً، وتنحو إلى تفعيل الخطوات العلمية والعملية بأكبر قدر من التوازن والشفافية، السواعد الفتية الشابة قادرة بإذن الله على تحديد المسار ومعالجة عسر المرور وإزالة هيبة الصعود إلى القمة، إن من يتخلق بآداب دينه فإنه يستشرف المعالي لأن السلوك المستقيم السوي يعد واجهة مشرقة فتفتخر الأوطان بدماثة أخلاق أبنائها، وهم ينهلون العلوم والمعارف وفي إطار أدبيات الاحترام الذي يسكب عبيره الأخاذ وعطره الزاهي، فها هم أبناء الوطن يسهمون في البناء، مهندسون وأطباء وصيادلة ومعلمون، وقبل هذا وذاك فإنهم يعبرون بأفكارهم النيرة محافل العز بإرادة الموقن بربه والواثق من نفسه، والمعلم لغيره كيف كان الإسلام عظيماً وسيظل عظيماً بوسطيته ومآثره الجميلة القيمة، وبأخلاق أبنائه وسلوكهم النبيل وبالله التوفيق.