يطفو على السطح سلوك ذميم، ويستشري بين أفراد المجتمع ليجهز على مقومات الرقي والتقدم بتخلف آثاره وانعكاساته السلبية، ذلكم هو التكلف ويعتبر التكلف أحد أسباب تأخر المجتمعات، لأنه يبعدها عن واقعها بتزييف الأوضاع من خلال تصويرها بشكل يفتقر إلى الدقة فضلاً عن تحديد المتطلبات، التي لن توافق الاحتياجات بطبيعة الحال في ضوء النقل غير الدقيق، حتى إذا انكشف الغطاء واتضحت الحقائق حينئذ يكون الخرق قد اتسع على الراقع، فيما لوكان الوضوح في نقل الأوضاع من البداية لتم تجاوز كثير من المعضلات التي تنشأ تبعاً لانتفائه، ولاريب ان الوضوح او بالاحري الشفافية تسهم وبشكل مباشر في اختيار الحلول المناسبة وفقاً لاستراتيجيات محكمة حينما تضفي إليها الدقة أبعاداً تؤثر وبشكل مباشر على آلية التنفيذ والتطبيق في اتساق مع التخطيط فإذا كان التخطيط سليماً ومبينا على احصاءات دقيقة فإن التنفيذ وطرحه على أرض الواقع سيكون متاحاً، مما يسهم أيضاً في تقدير التكاليف بشكل سليم. من هذا المنطلق فإن من أبرز الحلول لهذه المعضلات إزالة التكلف بهذا الصدد وقبول الآراء، وكذلك الأخطاء بأريحية تسهم في تنمية هذا المسلك الحضاري الراقي، لأن معالجة الخطأ من بدايته أفضل ولاريب من تركة يتفاقم وما يترتب عليه من تعثر للمشاريع وإضاعة للحقوق ونحو ذلك، الشفافية حاضنة التوعية وتحتم تمرير القيمة المعنوية بطبيعة المشاكل من واقع الأمانه في التمرير وبالتالي فان الفرد كذلك يسهم في البحث عن الحلول فضلا عن التماس العذر، ان قيمة الشفافية يجب ان تكون في مستوى التداول بين الجميع بين الطبيب ومريضه بين الطالب ومعلمه بين المسؤول والمواطن في حين ان استيعاب المعادلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي تشرح الواقع بأريحية ودون تكلف ستقترب من احاسيس الناس ومشاعرهم لا حشو اذهانهم بالخطب الرنانة والتي لايمكن ان تخفض سعر كيلو اللحمة اورسوم العلاج وما الى ذلك، مازال الإفصاح بعيدا عن الملعب وفي دكة الاحتياط، وحينما يبسط الارتجال ملامحه على القرار أياً كان فإن النتيجة الحتمية الفشل ولاشيء غير الفشل، لأن قراءة الواقع خاطئة وبالتالي فإن النتيجة ستنوء بالأخطاء تلو الأخطاء فضلا عن مضاعفة تكلفة تصحيح الأخطاء لاسيما في ظل غياب عنصر تقدير المخاطر عن المعادلة وعدم ادراجه ضمن القائمة وهذه نتيجة حتمية للارتجال وآثاره السيئة، ويشكل التضليل في هذه الناحية استدراجاً كئيباً وبالتالي الوقوع في الفخ، ومن آثار التكلف البغيضة على الصعيد الاجتماعي نشوء الفتور بين الأُسر إذ تقل الزيارات، وفقاً للحواجز الوهمية التي يؤسسها التكلف بهذا الخصوص، مما يؤدي إلي الاعتذار عن الزيارة والسبب هو الهالة التي تحيط بالزيارة من حيث الإعداد والتجهيز وكأنّ الهدف من الزيارة هو إبراز مالدي الداعي من مقومات لاتعدو عن كونها شكليات مرهقة وتلميع لايحمل من اسمه سوي الفشخرة بصرعاتها العجيبة الغريبة والتي لم تكن تعرف في السابق ولا أدري كيف تسللت في جنح الظلام، وهي صفة سيئة بكل مايحمله السوء من ملامح، كئيبة وتأبي إلا أن تحيل العلاقات بين الأقرباء والأصدقاء في اطار ترف اخرق، في حين تختطف المشاعر الصادقة والأحاسيس المفعمة بالحب، وهكذا يبتعد الناس عن واقع حالهم ولسان حالهم يقول (الله على ايام زمان )، هذه الإشكالية تحيلنا إلى موضوع من الأهمية بمكان ألا وهي صيغة التواصل،اذ تتشكل الأنماط المختلفة لطبيعة التواصل بين الأفراد، عطفاً على الأدبيات التي يتكئ عليها المجتمع، وبكل أسف أقولها بأننا لا نتخلق بهذه الأدبيات التي صاغها لنا الإسلام العظيم في التعامل فتجد التشبث بالشكليات والابتعاد كلياً عن المضامين هي السمة الغالبة، وغياب التآلف بين الشكل والمضمون تجسده بعض التصرفات التي لا ترقى إلى مستوى الالتزام بالمبدأ من حيث إدراك دوافعه وأسبابه الجالبة للخير في الوقت الذي تجد فيه تبايناً حاداً في نمط التفكير والسلوك بين طرفين، وربما يكونا جارين ولكل رؤيته المختلفة وأنماط عيش متباينة، ولاريب ان للأسرة أثر بالغ في تشكيل النسق الاجتماعي وانسجامه مع المعايير المنطقية المنضبطة بكل أبعادها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بمعني أن انسجام أفراد الأسرة سينعكس علي التوافق بين الأسر، ومن ثم تحقيق الأهداف النبيلة التي تسعي المجتمعات المتحضرة والراقية الي بلوغها، وتحقيق هذا الأمر منوط كما اسلفت بالأسرة الصغيرة والأساليب التربوية المحفزة للفضيلة ، كما ان من أبرز عوامل التحقيق إن لم يكن الأبرز هو عامل الشفافية، إذ ان الصراحة والوضوح سيسهمان في بسط الآراء وتداولها بين الأفراد بشكل محدد وفي ضوئهما يتم التصويب بإقناع ينم عن إدراك واسع، وبأساليب لينة تصل القلوب قبل العقول، فالقلب يحتضن العاطفة والعقل يحتضن الفكر، والأسرة بطبيعتها متعاطفة، فالأب يحب ابنه أو ابنته، والأم كذلك، والأبناء يساورهم نفس الشعور تجاه آبائهم وأمهاتهم وقس على ذلك الإقرباء والإصدقاء وبالتالي فإن هناك عوامل مشتركة كثيرة تجمع الأطراف في إطار التآخي والمحبة والمودة متى ما تمت تنقية المشاعر، وفلترتها لتلفظ الشوائب المؤذية خارجاً ويبقى القلب السليم ينبض بالعطاء الزاخر بالمحبة الصادقة لتتلاقح المشاعر وتثمر عن مجتمع يسوق الأمثال الجميلة للأجيال ويعبر بحس صادق عن مدى ارتباط ثقافتنا بالسلوك النبيل وتفعيله في كل مناحي الحياة.