شهد المسجد النبوي العديد من التوسعات عبر التاريخ، مروراً بعهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية فالعباسية والعثمانية، وأخيراً في عهد الدولة السعودية، إذ شهد إعماراً هو الأكبر في تاريخه، يحمل في جنباته كل ما يخدم قاصدي الحرم الشريف، فقد كانت العمارة الأولى في العهد النبوي حيث تم رفع جدرانه وإطالة أعمدته، ليصل ارتفاع سقفه سبع أذرع، وصارت أبواب حجرات أمهات المؤمنين تفتح مباشرة في المسجد، وكانت مساحته آنذاك مربعة الشكل 100×100 ذراع، أما العمارة الثانية فقد تمت في عهد الفاروق رضي الله عنه فكان البناء بتقديم جدار القبلة بمقدار 10 أذرع، وتمت زيادة 20 ذراعاً من الناحية الغربية، ومن جهة الشمال زاد البناء 30 ذراعاً، فجاء مستطيل الشكل طوله من الشمال 140 ذراعاً ومن الشرق 120 ذراعاً، ورفع سقفه إلى حوالي 11 ذراعاً، وأضيفت له ثلاثة أبواب أخرى؛ وهي باب في الحائط الشمالي، وباب النساء، وباب السلام ، وفي العمارة الثالثة التي كانت في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، تمت زيادة 10 أذرع من جهة القبلة والذي لا يزال مصلّى الإمام إلى يومنا، ومن الناحية الغربية تمت زيادته 10 أذرع بواقع أسطوانة واحدة، فيما لم تشهد الناحية الشرقية زيادة في البناء، وزاد من الشمال والغرب، ونفذت العمارة الرابعة في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك فأدخلت حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ضمن بناء المسجد، وكان بناؤه من الحجارة المنقوشة وسواريه من الحجارة المنقورة، وحشيت بعمد الحديد والرصاص، وعمل سقفان للمسجد؛ علوي وسفلي، فكان السقف السفلي من خشب الساج، وعمل في سقفه ماء الذهب، وجعل للمسجد 4 مآذن، وقد زاده من جهة الغرب نحو 20 ذراعاً، ومن جهة الشرق نحو 39 ذراعاً، وزاد فيه من جهة الشمال نحو 10 أذرع، وكانت أعمال العمارة الخامسة في عهد المهدي العباسي، حيث زاد فيه من الناحية الشمالية فقط، وكان مقدار الزيادة 100 ذراع، في حين شهد عهد السلطان المملوكي الأشرف قايتباي، تنفيذ أعمال العمارة السادسة حيث عمل للمسجد سقف واحد ارتفاعه 22 ذراعاً، وتم تسقيف المسجد عام 888ه، وكان مما بناه القبة التي على الحجرة الشريفة، في حين تمت العمارة السابعة، في عهد السلطان عبدالمجيد الأول؛ الذي أعاد بناء المسجد الشريف، وأضاف العديد من القباب والدور والمدارس في مؤخرة الحرم وهي التي ما زالت باقية إلى الآن. وواصلت حكومة المملكة منذ تأسيسها، اهتمامها البالغ وعنايتها بالحرمين الشريفين توسعة وعمارة؛ ومن تلك العناية التوسعات المتلاحقة التي شهدها المسجد في العهد السعودي، فعندما تولى الملك عبدالعزيز - رحمه الله - الحكم، قام بأول زيارة إلى المدينةالمنورة في شعبان عام 1345ه للصلاة في مسجد رسول الله، والسلام على خير البرية، ثم النظر في شؤون المسجد النبوي، فلاحظ تصدعات في بعض العقود الشمالية للمسجد، وتفتت بعض حجارة الأعمدة، فأصدر أمره رحمه الله بإصلاح وترميم الحرم، وكان ذلك في سنة 1348ه، فأجريت إصلاحات في أرضيته وأروقته وبعض الأعمدة بالأروقة الشرقية والغربية، وكذا إصلاح التشققات التي ظهرت في دهان الحجرة النبوية الشريفة، وكان ذلك عام 1350ه، وبعد وفاته - رحمه الله -، واصل أبناؤه من بعده مسيرة تطوير وتجديد المسجد النبوي الشريف، فتسلم زمام الحكم الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - في نفس العام، وكان كثير الاهتمام بأمر التوسعة، حيث تم في عهده إكمال بناء توسعة المسجد على أتقن وأجمل شكل، وأقيم احتفال بهذه المناسبة، يوم الخامس من شهر ربيع الأول سنة (1375ه). وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله -، حصلت توسعة أخرى من الجهة الغربية، واشتريت العقارات والدور والمساكن التي احتيج إليها، وظللت بمظلات مقببة قوية مؤقتة بمساحة (40500) متر2 ، وجهزت بجميع اللوازم حتى صارت صالحة للصلاة، وفي عهد الملك خالد بن عبدالعزيز – رحمه الله -، جرت توسعة ثالثة حينما وقع حريق في المنطقة الواقعة في الجنوب الغربي من المسجد سنة 1397ه، فأزيلت المنطقة، وتم تعويض أصحاب العقارات، وضمت الأرض إلى الساحات، وظللت منها مساحة 43000 متر مربع، على غرار المظلات السابقة وهيئت للصلاة فيها، وبذلك صارت المساحة الكلية بعد التوسعة السعودية الأولى، 16327 مترًا مربعًا.