كل الإنجازات العظيمة طوال مسيرة التاريخ تبدأ بحلم مدعوم برؤية استشرافية للمستقبل وعزيمة لا تلين وإرادة لا تقهر وإيمان بالنصر بعد الأخذ بالأسباب. هذه الإنحازات لم تتحقق بين يوم وليلة لأن طريق الأنبياء والمصلحين والثوريين وأصحاب الحلم لم يكن دائماً مفروشاً بالورود، فعلى طريق تحقيق الحلم تجد المؤمنين والمناضلين المستعدين للتضحية يواجهون معسكر المتشككين والمتشائمين والمتآمرين وقوى الشد العكسي الذين يحاولون وقف المسيرة وقتل الحلم. هذه هي حالتنا في المملكة، فالأمير محمد بن سلمان قال إن لديه حلمًا. هذا الحلم لم يكن مشروعًا شخصيًا، فهو يدرك كل خصوصيات المجتمع السعودي ويعرف أن إلقاء حجر في المياه الراكدة سوف يثير أمواجًا من أعشاش دبابير العقول المتكلسة العاجزة عن الحلم. وهو يدرك أن الحكم أمانة ومسؤولية وليس مجدًا شخصيًا، وهو يعرف أن مهمة القائد هي الحفاظ على الأمة متماسكة وقوية وتحصينها بعد اجتثاث الأعشاب الطفيلية وجيوش المتسلقين والمنتفعين. الأمير محمد مثل كل أصحاب الهمم الكبيرة أبى إلا وأن يتقدّم الصفوف رافعًا راية التغيير التي طال انتظارها وحاملاً تباشير الحلم. العاجزون عن الحلم والمذعورون من التغيير لم يروا إلا نصف الكأس الفارغة، أما هو ومن يؤمنون بالحلم الذي جاء به، فينظرون إلى مستقبل مليء بالأمل. وبتوجيهات ومتابعة من لدن خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وبروح الشباب الواثق طرح تغييرات على المستوى الداخلي فاجأت القريب والبعيد. وعلى مستوى العقيدة أعلن عزمه على التنوير ونشر الحداثة مع التمسك بالثوابت. وعلى مستوى الاقتصاد أعلن رؤيته 2030 لتنويع سلة الدخل القومي بدلاً من الاستمرار في الاعتماد على مصدر واحد، وأعلن عن حزمة مشروعات قد تبدو للبعض مثل قصص الخيال العلمي، التي تحقق معظمها، وعلى مستوى العالم أعلن انفتاح المملكة على الآخر وبناء شراكات، والتقى زعماء الدول العظمى مؤكدًا على دور المملكة كلاعب محوري على الساحة الدولية. قام بكل هذا بشموخ يليق بمكانة ودور هذا البلد العظيم الذي يضم أقدس المقدسات الإسلامية، وعلى مستوى الأمن وقف صخرة صلبة أمام المؤامرات التي تحاك في الخفاء والعلن. ما سبق أعلاه ليس مديحًا، بل قراءة في الحلم من مواطن يؤمن بهذا القائد الذي أصبح أيقونة لكل المتطلعين إلى غد أفضل. يقول الكاتب الإيطالي بريمو ليفي: "إن مستقبلنا غير مكتوب، وهو غير مضمون: لقد أفقنا من سبات عميق، وقد رأينا أن الوضع الإنساني يتناقض مع الحقيقة. لا يوجد نبي يستطيع أن يكشف المستقبل لنا، وهذا الانقطاع للأنبياء دواء مر لكنه ضروري. علينا أن نبني غدنا بأيدينا بحماس، ونتلمس طريقنا بحذر.. أن نبنيه من جذوره من دون الاستسلام". قد تبدو الآمال كبيرة لكنها ليست مستحيلة وهذا ما يعطي حلم الأمير محمد بن سلمان حلمنا جميعا معنى وقيمة.