من كان يتصور أن يبادر ناديا الهلال والأهلي لإصدار بيان مشترك في واحدة من أكبر القضايا الجدلية في الساحة الرياضية وهي المعنية بلقب"الملكي"، والذي كان محل صراع بين الناديين منذ أعوام، ومن ذا الذي خطر بباله للحظة أن يطالب الناديان جماهيرهما بوقف تداول استخدامه منعاً لإثارة الاحتقان وتهييج الرأي العام. لقد أثبت الناديان الكبيران ببيانهما المشترك المؤيد لقرار الاتحاد السعودي لكرة القدم، والمنسجم مع توجيهات الهيئة العامة للرياضة القاضي بمنع تدول اللقب أن المنافسة بين الناديين أكبر من مجرد لقب لا يقدم ولا يؤخر في تاريخهما الحافل ومكانتهما العظيمة، بقدر ما يعزز الصراع بين أنصارهما من دون أن يضيف شيئاً على أرض الواقع. لقب "الملكي" الذي ظل محل تجاذب وصراع بين الهلال والأهلي تم إيقاف تداوله بقرار حازم، وتم في الوقت ذاته نزول إدارتيهما عند القرار، ولم يغير ذلك في واقع الهلال والأهلي شيئاً، فقد بقي الهلال زعيماً للكرة السعودية، وبقي الأهلي ركناً أساسياً من أركانها، وطوداً شامخاً من أطوادها. القرار الحازم لم يسهم في نزع فتيل الصراع بين الهلال والأهلي فقط، والذي تجلت صوره بأنماط مختلفة داخل الملاعب وخارجها، بل ساعد في إعادة مقود القرار لإدارتيهما، باعتبار أن من كان يفرض اللقب كأمر واقع هما إعلامهما، ومن ورائهما مدرجهما، وقد تجلى ذلك في تماهي الإدارتين معهما، بالقبول تارة والتنفيذ تارة أخرى، ولذلك رأينا في البيان المشترك ما يعزز عودة القرار للإدارتين. مفاعيل القرار لن تتبدا في معالجة ما سببه اللقب من احتقان بين الناديين فقط، بل ستثبت مع الأيام أن الصراع عليه لم يكن سوى صراعاً تافهاً، ومناكفة ممجوجة لا قيمة لهما في مسيرة الناديين، ولن يقلل حظر تداوله شيئاً في قيمتهما، سواء الإدارية أو الفنية وحتى السوقية، وهو ما سيثبت بعد نظر أصحاب القرار في هيئة الرياضة واتحاد الكرة مقابل الآراء المناهضة له. مساحة التنافس بين الأندية السعودية كبيرة، خصوصاً ونحن مقبلون على تحولٍ كبير في مسيرة الرياضة السعودية قبل الخصخصة وبعدها، وهو ما يتطلب من الأندية ترك ما يغذي النوازع المدرجاتية، والتفرغ للعمل الاحترافي، ففيه المنافسة أجدى لما فيه صالحها فنياً واستثمارياً، فالعلامة التجارية القوية للنادي لا يصنعها لقب مهما عظم، وإنما يصنعها الفكر والأداء الاحترافيين.