الحديث المهم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان إلى موسكو يؤكد المكانة التي تحظى بها المملكة على المستوى العالمي بفضل السياسة المتزنة التي تنتهجها إضافة إلى دورها المهم في تجاوز المنطقة للكثير من الأزمات والتصدي للمؤامرات التي كادت أن تعصف بدولها ومستقبل شعوبها. "الحدث التاريخي" هو الوصف الذي أطلقه بوتين على الزيارة الملكية لبلاده، وهو ما يشير إلى أن مرحلة جديدة في مجال العلاقات الثنائية قد بدأت بالفعل، من حيث التنسيق السياسي والشراكة الاقتصادية القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والرغبة الحقيقية في إقرار السلام والأمن الدوليين. إشارة الرئيس الروسي إلى أن الزيارة "شرف كبير لنا" وحديثه عن أنها تُظهِر أسلوب تعامل المملكة العربية السعودية مع بناء علاقاتها مع روسيا، ووجود مصالح مشتركة لدى البلدين يوحي باحترام كبير تكنُّه روسيا للمملكة وإدراكها لحجم التأثير السعودي ليس في الدائرة الإقليمية الضيقة بل على المستوى العالمي. وفي هذا السياق يمكن القول إن مسيرة العلاقات السعودية الروسية قطعت شوطاً كبيراً في اتجاه التفاهم والشراكة خاصة وأن البلدين الصديقين ينتجان ما يفوق 20 % من الإمدادات العالمية من النفط الخام، وبالتالي فإن استقرار أسعار النفط هدف مشترك لهما إضافة إلى فرص كبيرة متاحة أمامهما للتعاون في المجالات العسكرية والتقنية. بوتين قطع الطريق أمام كل من ساءه التقارب السعودي الروسي وخاصة بعض الأطراف الإقليمية التي كانت تعوّل كثيراً على إظهار أن لا وجود لأرضية مشتركة قد تجمع الدولتين، فقد أكد أنه لا توجد أي خلافات كبيرة بينهما، إضافة إلى أن لا أسباب للخلافات مع المملكة والدول الأخرى في المنطقة، وهو ما يعكس توافقاً بين رؤيتي البلدين تجاه الكثير من القضايا الإقليمية والدولية انطلاقاً من مصالحهما المشتركة. المملكة وبوصفها الدولة الأهم شرق أوسطية وبثقلها السياسي والاقتصادي ومكانتها كقلبٍ للعالم بدأت إستراتيجية توسيع دائرة علاقاتها مع الدول الكبرى، وبدأت في جني ثمار سياستها الخارجية القائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وستجني المزيد نظراً لثبات سياستها المتوازنة ومواقفها الفاعلة في مختلف القضايا الإقليمية والدولية ودعمها لكل ما من شأنه تحقيق الأمن والسلم الدوليين.