أول ما رأيته بأم القرى سنة 1393ه بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بعد قدومه من إنجلترا متخرجاً في جامعة كمبردج حاملاً شهادة الدكتوراة في فلسفة النحو، فأكبرته وقد عينه الدكتور الراحل محمد عبده يماني عميداً لهذه الكلية حينما كان اليماني مديراً لجامعة الملك عبد العزيز بجدة وكانت هذه الكلية ومعها كلية التربية شطر مكة تابعة لجامعة المؤسس بجدة. ومضت السنوات والشهور والأيام والدكتور يؤدي واجبه العلمي محاضراً في علم النحو واللغة العربية وآدابها إلى جانب واجبه الإداري، حيث كان شديد المراس نابغة في تدريسه وتوجيهه للطلاب ولمن هو مسؤول عنهم كعميد. الشيء الذي انطبع عليه هذا الرجل الفاضل في سلوكه العلمي والعملي. وكان الدكتور الراجح جم الملاحظة في تعليمه على طلابه وفي متابعته لرجال العمادة في كلية الشريعة عامة. ظهر الرجل عملاق القيمة راشداً في سلوكه وعلومه كأكاديمي وإداري ناجح بل إنه ليتصف بذلك كله كإنسان من الأناس إدارياً نابغة وأكاديمياً عالماً لا في علوم العربية فحسب بل في علوم العقيدة والشرع حيث تولى تدريس طلاب قسم الدراسات العليا الإسلامية، وامتد حرصه الدراسي على التدريس لقسم اللغة العربية وآدابها للمرحلة العامة ولقسم الدراسات العليا حتى جاءت الموافقة السامية على تعيينه مديراً لجامعة أم القرى سنة 1401ه 1980م من قبل الملك خالد طيب الله ثراه، وهكذا كانت المسيرة العلمية والعملية للدكتور راشد حيث تشكلت على عهده الأكاديمي والإداري كليات جديدة ككلية الدعوة وأصول الدين وكلية اللغة العربية وآدابها بعد أن كانت قسماً تابعاً لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية ومن الصور العلمية التي بانت خلال المسيرة المذكورة أن مكتبه الإداري للجامعة كان مفتوحاً لكل طالب وأستاذ وشيخ، لا للمراجعين من موظفي الجامعة فحسب فخلال ذلك كان جوّ مكتبه علمياً يُثار فيه النقاش والمراجعات النحوية والأدبية والشرعية والمسائل الطريفة ومن هؤلاء علماء وباحثون كالشيخ علي الطنطاوي وأخيه الشيخ سعيد الذي كان من مستشاري الدكتور راشد في تلك الفترة الشيقة فالرجل كان ملماً بأطراف العلوم وفنونها المختلفة سوى تخصصه المذكور وتضلعه بالعربية وآدابها والشريعة وعقيدتها. لقد ضرب الدكتور الراجح المثل لشخصه الإداري والأكاديمي وعلمه المفيد الشاسع وسلوكه الراشد اسماً على مُسمى، كل ذلك كان إرهاصاً في المبدأ وسيراً في العمل وقبل أن يترك إدارة جامعة أم القرى كان في ذات الوقت رئيساً لنادي مكة الثقافي الأدبي إلى أن عين عضواً بمجلس الشورى لبعض الدورات فأميناً لهيئة حقوق الإنسان. كما كان عمله بالنادي الأدبي يعد سلسلة ثقافية وأدبية لأعداد من رجال الفكر والمعرفة والأدب والثقافة الذين قدم لهم الدكتور راشد دعوات لإلقاء المحاضرات والمنتديات والندوات وهؤلاء كُثر من داخل البلاد وخارجها، فكان لهؤلاء الأثر العلمي والأدبي في سياق أنشطة النادي الثقافي بأم القرى العام وأثناء المواسم الزمنية والعملية والعلمية والدينية بوجه خاص تنعم مكةالمكرمة بالعديد من الأنشطة والمحافل الشيقة المعرفية والثقافية والعقدية، معالم ومشاهد وحججاً واعتماراً. فاروق صالح باسلامة