فجأة من غير مقدمات ولا تمهيد صدر بغتة العديد من التقارير والمقالات والأخبار المتتالية بالعناوين العريضة تقول بلسان واحد: حقل بيرميان (Permian) الأمريكي سيُطفئ الشمس الشارقة التي كانت الى الآن تُشرق حصريا من حقل الغوار. إحدى الصحف المحلية التي نقلت هذا الخبر على علاّته (Arab news) فرددت الصحيفة خصائص (محاسن) حقل بيرميان المزعومة وكأنها حقائق. واحدة من المبالغات التي تتجاوز حدود الخيال ونقلتها الصحيفة بحذافيرها تقدير القيمة السوقية لحوض بيرميان بمقدار 3.3 تريليونات دولار. بينما في نفس الوقت جميع الصحف الغربية تقول إن تقدير القيمة السوقية لجميع حقول أرامكو (بما فيها الغوار والسفانية) بحوالي 1.1 تريليون دولار. هذه الخُزعبلات تُذكّرنا بتقرير رايستاد الذي صدر العام الماضي بتاريخ 4 يوليو 2016 بعنوان مثير يقول أمريكا الآن وليس السعودية تملك أكبر احتياطي في العالم. لكن لم يلبث طويلا حتى تراجع رايستاد (قبل أن يجف حبر تقريره للسنة الماضية) فقال في تقريره الجديد لهذه السنة بتاريخ 20 يونيو 2017 ما يلي: السعودية الآن تسترد مركزها في القمة وتضيف احتياطيات جديدة مُتخطيّة أمريكا وروسيا في احتياطيات البترول. الجدير بالذكر أن حوض بيرميان ليس هو اكتشاف جديد بل هو من أقدم الحقول في العالم ويتجاوز عمره ضعف عمر حقل الغوار. فلقد تم اكتشاف حقل الغوار عام 1948 وبدأ الانتاج منه عام 1952 وبلغ إنتاجه التراكمي حتى اليوم حوالي 80.75 مليار برميل. بينما تم اكتشاف حقل بيرميان قبل أكثر من 100 سنة ولقد بلغ انتاجه التراكمي حتى الآن حوالي 30 مليار برميل منذ بداية انتاجه عام 1921 (أي قبل 100 سنة). يُقدر الاحتياطي المتبقي الآن في حوض الغوار بحوالي 70 مليار برميل فإذا أضفنا اليه الذي تم انتاجه الى اليوم سيصبح الاحتياطي المؤكد حوالي 150 مليار برميل. فإذا افترضنا ان نسبة الاستخراج (recovery rate) الحالية من حوض الغوار 33 % فإن تقدير الكمية الكلية (OIP) في حوض الغوار قد تتجاوز 454.54 مليار برميل. وجدير بالذكر يوجد احتمال كبير ان ترتفع نسبة استخراج الغوار الى أكثر من 50 %. بينما يُقدر الاحتياطي القابل للاستخراج تكنولوجيا (وليس اقتصاديا) في حوض بيرميان بحوالي 70 مليار برميل. فإذا اضفنا اليه الذي تم انتاجه الى الآن سيصبح تقدير الاحتياطي الكلي القابل للاستخراج حوالي 100 مليار برميل. ومن المعروف ان نسبة الاستخراج للبترول الصخري لا تتجاوز 10 % وبالتالي هذا يعني تلقائيا انه ينبغي ان تكون الكمية الكلية (OIP) الموجودة في حوض بيرميان لا تقل عن تريليون برميل.