تحتفل بلادنا هذه الأيام بمناسبة الذكرى السنوية السابعة والثمانين لليوم الوطني، وهي مناسبة وطنية سعيدة تستحق الاحتفال والابتهاج والفرح، لما لهذا اليوم من أهمية كبيرة في تاريخ المملكة العربية السعودية، ومكانة سامية وتأثير إيجابي على مشاعر ووجدان كل مواطن سعودي. ونحن نحتفل بهذه الذكرى الغالية، لا يغيب عن أذهاننا مشهد ملحمة التوحيد التي خاضها الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- من أجل بناء هذا الوطن الشامخ، وما وضعه من قواعد ولبنات متينة شكلت الركائز الأساسية للمملكة العربية السعودية، وهي ركائز أمنية ودينية واقتصادية وإنسانية ومعرفية وتربوية ومعنوية هي مكونات إنسان هذه البلاد وروحه وعزمه وطموحه والتفافه حول قيادته الرشيدة من أجل حماية شرع الله المتين، والدفاع عن قبلة المسلمين، وصون هذا الوطن الغالي. نعم.. لقد وضع الملك المؤسس -طيب الله ثراه- من الدعائم والركائز ما هيأ للمملكة أن تكون متميزة في كل شيء، وجعلها ذات مكانة مرموقة عالمياً، وأن تصبح من دول العالم المؤثرة سياسياً واقتصادياً وأمنياً ومالياً، وهي رائدة العمل الإنساني، انطلاقاً من مسؤوليتها الإسلامية والإنسانية، حيث يعم خيرها دول العالم جميعاً، وتستمد المملكة قيمها ومنهجيتها من مبادئ التأسيس القائمة على الشريعة الإسلامية. لذا نجد المملكة العربية السعودية في كل مرحلة من مراحل مسيرتها الزاخرة بالمنجزات تقطف بعضاً من ثمار غرس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- فكل فكر مستنير، وكل رؤية عميقة، وكل تخطيط إستراتيجي رصين، يستجيب لرؤية التأسيس، وفكرة التوحيد، وإستراتيجية البناء. وقد ارتكزت رؤية التأسيس ومنهجية التوحيد منذ البدايات الأولى على ثنائية المعرفة والإنسان، وهما ركيزتا التنمية المستدامة الأساسية، ولم تدخر قيادة المملكة خلال العهود السابقة وحتى هذا العصر الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- جهداً أو فكراً في بناء الإنسان وتوفير المعرفة بمفهومها الحديث الذي يستصحب مفردات التقنية وعلومها العصرية، خصوصاً أن قيادتنا الرشيدة -أيدها الله- تدرك أهمية تطوير وتدريب وتأهيل الكوادر البشرية، وضرورة توطين التقنية الحديثة وتطويرها، وتعي جيداً أثر ذلك على عملية التنمية، والارتقاء بالقدرات الوطنية، وتعزيز المحتوى المحلي وتنوع الموارد. مملكتنا الغالية تحتفل بالذكرى السابعة والثمانين لليوم الوطني، وهي تمتلك أدوات التطور، ووسائل الانتقال بواقع الاقتصاد السعودي إلى آفاق أرحب، وإحداث نقلات نوعية تستوعب المتغيرات، وتواكب التطورات، وتستجيب لمتطلبات المرحلة، ومواجهة التحديات، معتمدة -بعد عون الله- على كوادرها الوطنية. وتبدو الرؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 من أبرز العلامات الاقتصادية والاستثمارية الفارقة في تاريخ النقلات والخطط الإستراتيجية السعودية، ويعد ذلك نتيجة طبيعية لرؤية القيادة الحكيمة بإنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، حيث اضطلع المجلس بدوره ومسؤولياته منذ اللحظات الأولى، وبدأ في وضع الأسس والبرامج والخطط الحديثة لإيجاد موارد بديلة عوضاً عن الاعتماد على النفط كمورد أساسي للاقتصاد السعودي، خاصة بعد تذبذب أسعار النفط عالمياً، وبالفعل جاءت الرؤية عميقة والخطط محكمة، والبرامج دقيقة، وقد لاحت في الأفق بوادر النتائج الطيبة لتلك الخطط والرؤى، وهي بلا شك تنسجم تماماً مع فكر المؤسس ومنهجه. الاحتفال بذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، لا يقتصر على الكرنفالات ولا على مظاهر الفرح والابتهاج وحسب، بل أيضاً يكون من خلال استمرار فكر البناء، وتطويره والارتقاء به ارتكازاً على القدرات والإمكانيات الوطنية، والسواعد الشابة وتأهيلها وتدريبها، وتوطين التقنية العالمية الحديثة وتطويرها، وكذلك توطين الوظائف، وإتاحة الفرصة لأبناء الوطن لإثبات ذاتهم، والإسهام في البناء والتنمية من خلال ما تلقوه من علوم حديثة نوعية، سواء كانوا من خريجي الجامعات السعودية، أو من ثمرات برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي. احتفالنا بذكرى اليوم الوطني يجيء أيضاً من خلال تلاحم المواطنين مع القيادة الرشيدة، من أجل رفع سقف الطموحات والتطلعات، والاستجابة للتوجيهات الكريمة، وتلبية المتطلبات، ومواجهة التحديات أياً كان نوعها وحجمها ومصدرها، لاسيما المهددات الأمنية التي تواجهها المملكة بكل قوة ودراية وحكمة دفاعاً عن الأرض والإنسان والمقدسات، وذوداً عن حياض أرض الحرمين الشريفين من كل معتد أو متربص أو طامع. نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لقيادتنا الرشيدة -أيدها الله- بهذه المناسبة الغالية، ولكافة المواطنين، سائلين الله أن تعود علينا هذه الذكرى الطيبة وبلادنا ترفل في ثوب الأمن والاستقرار والرخاء، في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- ومتعهما بتمام الصحة والعافية. الرئيس التنفيذي لشركة الإلكترونيات المتقدمة