الأول من برج الميزان.. ليس الثاني ولا الأخير، بل الأول والطليعة دائماً وأبداً.. وليس أي برج.. بل برج الميزان.. واللبيب بالإشارة يفهمُ! نعم نحن رقم واحد في العدل، وطليعة البلاد التي تحكم بشرع العدل الصمد.. ولأكون دقيقاً أكثر.. ليس العدل فقط، بل الحلم والصبر وتحمل خطأ الأشقاء والجيران سنين طويلة بلا ملل ولا كلل ولا شكوى.. نحمي الجار ونقاتل دونه، من حارب جاراً لنا فقد حاربنا، ومن طغى عليه فقد طغى علينا، ومن سالمه فقد سالمنا.. لم تخن بلادنا عهدًا، ولا غدرت بجار: وَنُوْجَدُ نَحْنُ أَمْنَعَهُمْ ذِمَاراً وَأَوْفَاهُمْ إِذَا عَقَدُوا يَمِيْنَا هذا هو نهج أجدادنا منذ الأزل، وما زلنا نسير عليه بخطى ثابتة قوية راسخة (فأي المجد إلا قد ولينا؟).. لا يجهل على هذه البلاد المقدسة إلا قليل مرؤة وناكر جميل، ومن يجهل علينا بعد طول حلم وصبر، عليه أن يتحمل نتائج فعلته، فإننا سوف (نجهل فوق جهل الجاهلينا): وَنَحْنُ العَازِمُوْنَ إِذَا عُصِيْنَا*** وَنَحْنُ الحَاكِمُوْنَ إِذَا أُطِعْنَا يأتي هذا اليوم الوطني مميزا فريدًا - وإن كانت كل أيام الوطن مميزة- ولكن هذا اليوم جاء احتفالاً بعدة مناسبات مهمة، منها تمثيلاً لا حصرًا- نجاح موسم حج هذا العام 1438 نجاحاً مبهراً فاق كل التوقعات، وتأهل المنتخب الوطني لمونديال 2018 بعد غياب 11 سنة!.. هذه المناسبات لم تكن لتتحقق لولا أنّ تكاتفاً ضخمًا على مستويات عدة حدث، وعملاً جماعياً جباراً قد تم. فيحق لنا الفخر ببلاد تعمل على قلب رجل واحد، وبلاد يتكاتف صغيرها مع كبيرها، ومدنيها مع عسكرها لإتمام كل مشروع نبدأه، ولتحقيق نجاحات على مستويات عالمية! العالم كله يرى النتيجة فقط، ونحن نرى النتيجة ونعرف السبب الذي قاد إلى تلك النتيجة المبهرة. هذه النجاحات المتتالية كلها تزيد الوطن قوة، وتعزز قوة الشعورالوطني الجمعي. أرأيت ذلك النور الذي يملأ جنبيك، وذلك الفخر الذي يدير رأسك وإن كنت لم تشارك لا في خدمة حجاج ولا في مبارة، ذلك هو حب الوطن الذي تحث عليه الفطرة السليمة، وتؤيده القلوب والأرواح والنفوس الطيبة التي لم تلوث بخيانة ولا غدر. إن الوطن يسكننا، مخطيء من يظن أننا نحن من يسكن الوطن!.. عندما تسافر، أنت تحمل الوطن جوهرة لا ثمن لها بين جنبيك، أنت تستمتع بسفرك لأنك تعرف أن ثمة وطناً لك، متى ما شئت أو مللت أو حننت أو خفت.. رجعت إليه مكرماً معززًا..، يستقبلك بدفئه وأمنه وحنانه. عندما تحزن، أنت تتذكر أن وطنك بخير، وإن أي خسارة دون الوطن معوضة، وأي فقد أو كسر دون هذه البلاد يمكن جبره... فتخف وطأة الحزن، ويغيب الألم! اللهم احفظ بلاد الحرمين الشريفين، واكفها شر كل قريب خائن، وكل ناكر للمعروف، وكل متربص حاسد حاقد، بعينك التي لا تغفو ولا تنام! *مسؤول العلاقات العامة والإعلام بجمعية إنسان