مرت الأزمة القطرية بمراحل مختلفة بدءاً من مرحلة التصريح الرسمي المثير للجدل وزعم الاختراق لموقع وكالة الأنباء القطرية، وإعلان مقاطعة الرباعية العربية لقطر، مروراً بمرحلة المطالب الخليجية التي تم تسريبها من قبل الإعلام القطري ولم يقبل بها النظام الحاكم بحجة مساسها بالسيادة القطرية. وبعد ذلك أخذت الأزمة منعطفاً جديداً تتمثل في انطلاق برنامج الرحلات الدبلوماسية بحثاً عن وساطات دولية لحل الأزمة وإنهاء المقاطعة للخروج من المأزق السياسي والاقتصادي. وقد حاولت قطر مؤخرًا استغلال موسم الحج وتوظيفه سياسياً عسى ولعل أن تكسب تعاطفاً شعبياً ودولياً. وخلال الأيام الماضية طفت على السطح أخبار عن تداول مغردين على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وسماً بعنوان "ارحل يا تميم" إعلاناً بقرب دخول قطر فصل "الربيع العربي". وكانت مصادر إعلامية كشفت خلال الأزمة مساهمة قطر عملياً ومالياً واستخباراتياً وإعلامياً في اندلاع ثورات الربيع العربي خلال تلك الحقبة الثورية التي طالت بعض الدول العربية مثل اليمن وليبيا ومصر وغيرها. كما حاولت قطر وفقاً لتسجيلات صوتية بثت عبر قنوات تلفزيونية فضائية أن تشعل حرائق ربيعية جديدة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، إلا أن جهودها في هذا المسار باءت بالفشل الذريع نتيجة لقوة التلاحم الوطني بين شعبي هاتين الدولتين والقيادتين السعودية والإماراتية. ولما كانت قطر تساهم في إشعال الحرائق خلال فترة الربيع العربي الذي يخيم الآن بظلاله عليها، فإننا نتذكر هنا قول الشاعر العربي: قضى الله أن البغي يصرعُ أهله ** وأنّ على الباغي تدور الدوائرُ وها هو الربيع يعود مجدداً لينذر نظام الدوحة باقتراب موسم حصاد "أشواك الربيع"، لا زهوره. فذاك هو منطق العقل وطبيعة الحياة منذ أن خلقنا الله على الأرض. وهي معادلة لطبيعة الحياة تتمثل في جني ثمار العمل ولو بعد حين. فمن يزرع بذور الخير والسلام سيجني ثمار السلام، ومن يزرع بذور الشر والعدوان فلن يحصد سوى الكراهية والدمار والهلاك. ولقد ظلت دول الجوار الخليجي تتعامل مع حكومة قطر بكل ود واحترام باعتبارها دولة شقيقة وعضواً في منظومة مجلس التعاون الخليجي، ترتبط مع بقية أعضاء المجلس الخليجي بعلاقات تاريخية نابعة من وشائج اللغة والدين وحسن الجوار، إلا أن قطر تنكرت وتخلت عن كل هذه المبادئ الراسخة والعلاقات المتينة، ووظفت ماكينتها الإعلامية لتشويه صورة دول الجوار والتحريض على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة بدعمها وتمويلها وإيوائها لكيانات وعناصر إرهابية. وربما يتطابق هذا المشهد السياسي لعلاقات السعودية والإمارات بقطر مع مضمون بيت شعر مشهور أصبح فيما بعد من الأمثال الشائعة عند العرب: ومن يصنع المعروف في غير أهله يلاقِ الذي لاقى مُجيرُ أمّ عامرٍ