إن كان ما تعرفه عن العلاج النفسي " Psychotherapy" يأتي من خلال القنوات الإعلامية أو من خلال ما تسمعه من أحاديث الآخرين، فقد يكون لديك أفكار مغلوطة عما يجري في العيادة النفسية، تأكد من معرفة الحقيقة بدلاً من الخرافات لتتمكن من الاستفادة من كل ما يقدمه العلاج النفسي، سوف أتطرق في هذا المقال لبعض الخرافات الشائعة وتصحيحها الخرافة الأولى: من يذهب للعيادة النفسية فهو مجنون وفي الواقع هذا غير صحيح، كلنا أيًّا كنا يمكننا الاستفادة من العلاج النفسي لنتمكن من حل مشاكلنا بطرق أفضل وجعل الحياة مكانا أفضل، ويلجأ الناس للعلاج النفسي لعدد من الأسباب: أولا: التغلب على المشكلات النفسية، الاضطرابات النفسية والذهنية، أو الإدمان كالقلق، الاكتئاب، الفصام اضطرابات النوم والأكل وغيرها . ثانيا: التغلب على الضغوط التي تظهر على حياتهم بعد المواقف المصيرية مثل الطلاق، فقد وظيفة، فقد شخص عزيز. ثالثا: التكيف مع الأمراض السريرية المزمنة بتعلم مهارات حياتية فعالة تساعد المريض على تفهم المرض والتعايش معه. رابعا: الاستشارة لموازنة أمور الحياة ومسؤولياتها , مثلا: الأبوة، الأمومة، العمل والأسرة وما يتخللها وما يترتب عليها. خامسا: الاستشارة لتحسين مهاراتهم تجاه الآخرين وعلاقاتهم بهم . وصمة العار " Stigma " والمرتبطة بدخولنا العيادة النفسية كانت عقبة كبيرة في ما مضى، لكن الآن يعتبر الحصول على المساعدة إشارة على الذكاء، ولازال الباحثون يجدون ترابطا يؤكد قيمة العناية بالصحة النفسية لضمان الصحة الجسدية الجيدة، والتي يُطلق عليها غالباً ترابط صحة العقل بالجسد. الخرافة الثانية:استشارة حكيم العائلة أو أحد الأصدقاء تغني عن التحدث للمعالج النفسي. وليس هناك شك في أهمية الدعم الذي نلقاه من العائلة والأصدقاء والذين نثق بهم في حال مرورنا بظروفٍ صعبة، إلا أن ما يستطيع تقديمه المعالج النفسي لنا يعد أكثر منهجية وتخصصية من التحدث إلى العائلة والأصدقاء. المعالجون النفسيون حاصلون على سنواتٍ من الدراسة المتخصصة، والتدريب، والخبرة التي من شأنها دعم خبرتهم في تفهم ومعالجة المشاكل المستعصية والمعقدة، والأساليب التي يستخدمها المعالج النفسي أثناء العلاج، هي أساليب تطورت على مر العقود من البحوث وهي أكثر من مجرد "الحديث والاستماع". المعالجون النفسيون يمكنهم التعرف بموضوعية على السلوكيات وأنماط التفكير أكثر من القريبين منك والذين توقفوا عن ملاحظة مثل هذه الأمور أو لم يلحظوها بتاتاً، وقد يعطيك المعالج النفسي ملاحظات أو يرصد مشاهدات مماثلة للأشخاص الذين في علاقاتك الحالية، لكن يد العون التي يمنحك إياها تكون فعّالة أكثر لك نظراً لدقتهم، وتركيزهم أو لثقتك بآرائهم الموضوعية والمتزنة حيال وضعك. يمكنك أن تكون بقمة صراحتك مع معالجك النفسي دون الحاجة للقلق على إفشاء أسرارك أو أن يعلم أي شخصٍ آخر ما صارحته به، لأن العلاقة المهنية بينك وبين المعالج تقتضي المحافظة على الخصوصية والسرّية. وفي واقع الأمر، الناس عادةً ما يقولون لمعالجيهم النفسيين أشياء لم يسبق لهم البوح بها لشخصٍ آخر. إن كانت الصعوبات التي تعاني منها طال حدوثها دونما أي تحسُّن ملحوظ، فربما قد حان الوقت، لطلب المساعدة من شخص متخصص. الخرافة الثالثة: يمكنك أن تتحسن بنفسك إذا حاولت أن تكون انسانا إيجابيا. وفي الواقع هناك الكثير من الأشخاص حاولوا حل مشاكلهم بأنفسهم لأسابيع وشهور أو حتى سنين واكتشفوا بأن هذا الأمر لا يكفي قبل أن يقرروا أن يبدؤوا بالعلاج النفسي. اتخاذ القرار ببدء العلاج النفسي لا يعني الفشل بل يعني البداية لحياة جديدة، كما أن فشلك في إصلاح سيارتك بنفسك لا يعتبر فشلا أيضا، هناك الكثير من الأمور في الحياة نحتاج فيها لمساعدة الاخرين، وبعض المشاكل يكون المسبب لها تعقيدات نفسية عميقة أو بيولوجية، كالاكتئاب أو اضطرابات الأكل والتي يصعب عليك علاجها لوحدك.تحليك بالشجاعة للاعتراف بحاجتك للمساعدة وطلبك لها هي علامة قوة وليس ضعفا، وهي الخطوة الأولى في طريق الشفاء. الخرافة الرابعة: "معالجي النفسي" سوف يحل جميع مشاكلي. وقد يبدأ المعالج النفسي خطة علاجك بطلبه منك وصف المشكلة التي أدت إلى حضورك للعيادة، لكن هذه فقط نقطة البدء في العلاج النفسي، وسيجمع أيضاً معلومات ذات صلة بحالتك من تاريخ مشكلتك والطرق التي حاولت من خلالها حل مشكلتك. يستحيل أن تتحسن حالتك اذا لم تساعد نفسك فالعلاج النفسي هو عبارة عن عملية تفاعلية تعاونية تعتمد على الحوار والمشاركة الفعلية بينك وبين المعالج في حل المشكلات وتفاعلك ودافعيتك نحو العلاج تسرع من فاعلية العملية. قد يعطيك معالجك النفسي بعض المهام المنزلية للتدرب على مهارات جديدة بين الجلسات، أو مهام قراءة لتتعلم أكثر عن موضوع معين، معاً، أنت ومعالجك النفسي ستتعرفان على المشكلات، وستضعان الأهداف وستراقبان تقدمك. الذهاب للعيادة النفسية يعد فرصة حقيقة لتعرف نفسك من جديد. الخرافة الخامسة: المعالج النفسي سوف يحملني مسؤولية ما يحدث لي. وهو غير صحيح فالمعالج النفسي مهمته أن يساعدك وهناك عدة أمور مهمة من شأنها توضيح سير الجلسات: واحد من أهم عناصر العلاج النفسي قد يقتضي استكشاف خبرات الطفولة وبعض الأحداث البارزة التي لها تأثير على حياتك، وسرد المعلومات من خلفيتك العائلية يمكن أن يساعدك ومعالجك النفسي في فهم مداركك ومشاعرك، واستراتيجيتك في التكيف، أو ملاحظة أنماط التطور لديك. إنما وفي بعض الحالات قد يختار معالجك النفسي التركيز بشكل رئيسي على مشكلتك أو أزمتك الحالية، والتي أدت إلى حاجتك للعلاج وعدم الخوض في ماضيك على الإطلاق. الهدف من جعلك تنظر إلى ماضيك هو فهم حاضرك بطريقة أفضل وإجراء تغييرات إيجابية لمستقبلك. الخرافة السادسة:العلاج النفسي يستمر لفترات طويلة أو لعدة سنوات. وهنا تختلف سرعة التحسن من شخص لآخر خلال جلسات العلاج النفسي لأنها عملية فردية، ويدخل في نجاحها عوامل كثير ومختلفة، ومن واقع العيادة هناك حالات تستطيع فهم مشكلتها من الجلسة الأولى والبعض يحتاج الى عدة جلسات، وهو أمر تستطيع معرفته أثناء وضع الخطة مع معالجك. هدف المعالج النفسي هو تقويتك لتتمكن من تجاوز الصعوبات التي تمر بها والقيام بمهامك وحدك بطريقة أفضل وليس الإبقاء عليك كمراجعٍ للعيادة إلى الأبد.