دورا مار السيدة الفرنسية التي لعبت دوراً هاماً في حياة بيكاسو, الخاصة والفنية , فقد رسمها في أكثر من حالة. كانت تربط دورا مار وبيكاسو علاقة قوية لمدة تسعة أعوام، وقد رسم "امرأة جالسة" عام 1939، عندما كان عمره 58 عاما، وعمرها 31 عاما. وتعد "امرأة جالسة" من أهم لوحات بيكاسو، عبر فيها عن الحب والرغبات الإنسانية الجامحة، مثلما تعبر عنه الكثير من لوحاته. لا تخفى علينا عبقرية وجنون بيكاسو ,فقد استطاع ان يخلق افقاً جديداً للفن التشكيلي , بتأسيسه للمذهب التكعيبي . لنتأمل اللوحة من جديد, ونكتشف الحالة الوجدانية , موطن الإلهام والإبداع في لوحات بيكاسو, فنجده مختلف لونياً وفكرياً, بدء من تجسيد حالة حبيبته لونياً. وبمزيد من التأمل, نجده ينقل لنا حالة الازدواجية الشخصية التي تمارسها دورا في حياته, كما نراها جلية, في تكوينه لملامحها, فيصور لنا امرأتين في خطوط لونية متوازية, وكأنه يبث لنا حالة جنونه بأنثاه المزدوجة, فيرسم امرأتين في أنثى واحدة,ليشير لنا عن حالة الهدوء بعد مسيرة فوضى مغامرات عشقية التي عاشها, استطاعت دورا مار تهذيب عبثه العشقي, فأخذته من امواج الفوضى الى شط الاستقرار, ليرسمها لنا في الوان زهرية هادئة في جدار لوحته. قبعة أرستقراطية اسبانية بلونها البنفسجي, انتقاء لوني لم يكن عبثياً , يعيدنا لتذكِر حالة الاستقرار السياسي, التي عاشتها إسبانيا, بعد اضطرابات وفوضى الحرب الأهلية . فستان بلون اللازورد المزرق , وهل ينشطر العالم في هذه اللوحة ؟ زرقة اللازورد الهادئ تجلى يدهش كمياه بحر ماربيلا بروحانيته اللونية وعمق تأثيره, ليشير لنا الى تلك السيدة المخملية المؤثرة, والتي ألهمت الحب والفرح والاستقرار في حياة بيكاسو . عينان مختلفتان في شكلهما, وهنا تنبثق رؤية تحليلية تشير الى وجود امرأتين في أنثى واحدة في اللوحة .. ماذا عن إشراقة اللون الأصفر؟ وبروز وجنتي دورا مار والتي بدت كالشمس الغيور بأشعتها الذهبية الساقطة على ملامحها, يعكس لنا الأنثى القوية، الممتلئة حساسية، النافرة، الرقيقة، الثائرة، الصارمة، والانيقة في كل ما تفعل. كانت مرحلة دورا مار واحدة من أكثر مراحل سيرته خصباً وتنوعا ًواسترسالاً في تغيير مفهوم الرسم. * فنانة وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود