الجلطة أو السكتة الدماغية هي حالة طبية طارئة تستلزم سرعة العلاج، فهو مسمى يصف موت الخلايا الدماغية الناجم عن حرمانها من الدم المحمل بالأكسجين مما سيجعلها غير قادرة على أداء وظائفها الطبيعية وينتج عن ظهور الأعراض العصبية المصاحبة للجلطة. تنقسم الجلطات الدماغية من ناحية السبب إلى نوعين: الجلطة الدماغية الإقفارية والناتجة عن انسداد الوعاء الدموي المغذي للجزء المصاب من الدماغ وهي أيضا تنقسم إلى نوعين من ناحية السبب: النوع الأول جلطة متكونة في مكان آخر من الجسم كالقلب منتقلة عبر الدم إلى الدماغ، أما النوع الثاني وهو تضيق الوعاء الدموي لدرجة الإنسداد بسبب مرض تصلب الشرايين، أما النوع الثاني من الجلطات الدماغية هو الجلطة الدماغية النزفية الناتجة عن تمزق الوعاء الدموي وتأثيره على التروية الدموية لخلايا الدماغ، هذا النوع له أسبابه وعلاجاته والتي لن نتطرق لها خلال هذا المقال. بالنسبة إلى نسبة حدوثها وانتشارها ، ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية قُدِّرت نسبة حدوث الجلطات الدماغية لتكون أكثر من 690 ألف حالة سنويا، بينما في السعودية وبناء على الدراسات المنشورة فإن فرصة إصابة الشخص بالجلطة سنويا هي 30 إلى 44 شخصاً بين كل 100 ألف شخص. من جانب آخر، فإن نسبة إصابة المريض بالجلطة الدماغية مرة أخرى سنويا فهي 3٪ إلى 4٪، مما يشدد على أهمية الطب الوقائي لمنع حدوث الجلطة مرة أخرى. كون الخلايا الدماغية الميتة لا تتجدد؛ فإنه غالبا ما تستمر آثار الجلطة مع المريض، وهذا التأثير الناتج يختلف من شخص لآخر لعدة عوامل، ومنها: مكان الجزء المصاب من الدماغ، نسبة الإنسداد، سرعة اكتشاف الجلطة وعلاجها، الوقت المقدر لحرمان الخلايا الدماغية من التروية الدموية والأكسجين. أما عن أعراض الجلطة الدماغية فتتعدد: فيحدث ارتخاء أو تهدل لجانب واحد من الوجه ويكون واضحا عند محاولة المريض التبسم، بالأضافة إلى تنميل، تخدر أو شلل في الأطراف، عادة ما يكون في جهة واحدة و مشاكل في الكلام، الفهم والاستيعاب فيصبح الكلام ثقيلا وغير مفهوم، وقد يسبب المشي دوخة وعدم إتزان و قد يعاني المريض من إعتام في الرؤية أو تضاعف الصورة المرئية في إحدى أو كلتا العينين مصاحب لصداع شديد، وفي حال الشك بوجود أعراض الجلطة يجب فورا طلب الإسعاف ونقل المريض للرعاية العاجلة. من أهم الفحوصات التشخيصية في المستشفى عمل أشعة رنين مغناطيسي أو أشعة مقطعية للدماغ لتشخيص الجلطة وبدء العلاج المناسب، ومن العوامل الهامة والمؤثرة على علاج الجلطة والأثر المتبقي لها هو سرعة اكتشافها وعلاجها. فعلاج الجلطة يهدف إلى تقليل الضرر على الدماغ عبر استرجاع التروية الدموية بأسرع وقت ممكن واكتشاف أسباب الجلطة إن وجدت وعلاجها كتصلب الشرايين أو الرجفان الأذيني، كما يهدف إلى استرجاع القدرات الوظيفية للمريض المصاب بالجلطة عبر برامج العلاج التأهيلي ومنع حدوث الجلطة مرة أخرى. في حال عدم وجود تعارضات طبية لدى المريض، فسيُعطى أدوية عبر الوريد لإذابة الخثرة واسترجاع تدفق الدم عبر الوعاء الدموي المسدود في حال وصول المريض للمستشفى فقط خلال الأربع ساعات ونصف الأولى منذ اكتشافها، بالإضافة إلى ذلك تعطى مسيلات الدم عبر الفم كالأسبرين والتي تصرف للمريض مدى الحياة، و تعد من الخطوط العلاجية الأولى خلال الأربع والعشرين ساعة الأولى منذ تشخيص الجلطة في حال عدم وجود حساسية أو تعارض طبي تجاهها وذلك لمنع حدوث الجلطة مرة أخرى. العلاج التأهيلي يعد من أهم البرامج التي يجب ضم المريض إليها مباشرة بعد تشخيصه بالجلطة لأجل توفير الدعم الصحي والنفسي اللازمين لإستعادة مهاراته الوظيفية للعودة إلى ممارسة الحياة اليومية بأكبر قدر ممكن من الاستقلالية، من المهم متابعة المريض من خلال أخصائي العلاج الوظيفي لتمرين الجسم واستعادة وظائفه الحركية والإدراكية من خلال التمارين وتصميم بيئة آمنة وسهلة محيطة بالمريض لمساعدته على الاعتماد على نفسه وممارسة حياته بشكل طبيعي وسلس، كما يتم تشخيص المرضى المصابين بصعوبة في البلع أو الكلام وإحالتهم إلى أخصائي البلع والتخاطب، ويجب اتباع احترازات منع السقوط للمرضى المتأثرين حركيا أو بصريا كون السقوط قد يؤدي لكسور ومضاعفات تعقد الحالة الصحية. من ضمن الطب الوقائي ومنع تكرار حدوث الجلطة الدماغية يتم متابعة الأمراض الأخرى كضغط الدم المرتفع وارتفاع الدهون في الدم، السكري، أمراض القلب التاجية والرجفان الأذيني من الأساسيات التي لا بد من التأكد من علاجها بشكل جيد ومراقبتها باستمرار حيث إنها تعد مهددات بحدوث الجلطة مرة أخرى، أيضاً التأكد من أنه قد تم صرف مسيل الدم المناسب للحالات الصحية الأخرى التي تستلزم صرف مسيل للدم أو مضاد للتخثر كالرجفان الأذيني واحتشاء عضلة القلب، كما يتم صرف أدوية لتقليل مستوى الدهون في الدم للمريض المصاب بجلطة الدماغ، والتي أثبتت جدواها العديد من الدراسات العلمية في منع تكرار حدوث الجلطة، ويتم نصح المرضى بالتوقف عن التدخين والحرص على ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي. وأخيراً، من المهم جدا استخدام الأدوية المسيلة للدم بعد حدوث الجلطة بشكل مستمر وذلك لمنع حدوثها مرة أخرى بإذن الله، كما يجب متابعة المريض من قبل طبيب مختص بشكل منتظم والانتباه لأي علامات للنزيف والتي قد تحدث لبعض المرضى عند استخدامهم للأدوية المسيلة للدم وإبلاغ الطبيب عنها، إن متابعة المريض من قبل فريق طبي يُعنى بالعلاج التأهيلي وتوفير الدعم الأسري والمعنوي عوامل هامة لتعزيز معنويات المريض ومساعدته لاسترجاع الوظائف المتأثرة بسبب الجلطة. * قطاع الرعاية الصيدلية