قرار تطبيق برنامج الرياضة البدنية في مدارس البنات رغم تأخره، إلا أنه يحاول أن يرمم الفجوة الزمنية التي تفوق النصف قرن بين بداية تعليم البنات، وبين جعل الرياضة جزءا أساسا من المنهج لا تتكامل العملية التعليمية دونها. ولكن لنحتفي الآن ببدايته كإجراء ريادي لحق من حقوق المواطنة للطالبات، ليس بحاجة لتصويت مجلس الشوري، الذي بدوره يبدو أنه يغرد تماما خارج السرب. فالقرار يستمد ريادته أنه تجاوز جميع الأصوات التي وقفت ضده واستبسلت لحجبه على حين كان من المفترض ألا يحتاج جميع هذه السنوات ليرى النور استجابة لأراء مجموعة تخالفه، فهذه المجموعة جميعنا نعرف بأنها تستقي آرائها من نبع يرى بأن للمرأة عشر عورات، يستر واحدة منها الزوج، والتسع الباقيات لايسترها إلا القبر، ولو أوكل الأمر لهم لما تم تعليم النساء منذ البداية. على كل حال الآن نقف على مطالع مرحلة تنموية مختلفة، تظهر التحديات الميدانية التي سيقابلها القرار، فنتيجة لتأخره خلق هناك فراغ على مستوى البنية التحتية وطاقم التدريب، وإن كانت فحوى القرار أوكلت للجامعات تأسيس أقسام للتربية البدنية للبنات، وما هي إلا سنوات قليلة وستُغطى الاحتياجات التعليمية، يبقى أن تبدأ البرامج بطريقتها المثلى كمصدر للياقة، والنشاط التعاوني بروح الفريق، والاستثمار في نشاط الصبا وحيويته في مساربه الإيجابية المنفسة عن الطاقات. أيضا نرجو ألا تتسرب له عيوب مادة التربية البدنية الموجودة لدى البنين، حيث الاستسهال وغياب البرامج التي تستثمر في المواهب من بواكير العمر، فعدا عن الحركات التي يؤديها الطلبة بين النعاس والتثاؤب في الطابور الصباحي، سيطرت ساحرة الجماهير كرة القدم على الرياضة المدرسية، ولعل هذا يفسر لنا الحضور الهزيل للملكة في بقية الألعاب الأولمبية. المدارس من الممكن أن تكون نبعا للمواهب، وحلقة وصل بين الميدان والمؤسسات الرسمية المعنية بالرياضة، ليتم لاحقا تبنيها وتوفير خطط وبرامج مستقبلية لها، مع مدربات يشرفن على المواهب الوطنية الواعدة، كخطوة جوهرية في الطريق نحو الأرقام الأولمبية. في النهاية مبارك للمواطنات خطوة كبرى تكاملت بها العملية التعليمية، يبقى الآن من هذه المرحلة المفصلية أن يبدأ العمل على إدماج الفنون والموسيقى والدراما كركن أساس في التعليم العام.