تشكل الحرائق هاجساً وخطراً على صحة وحياة الإنسان لما تسببه من وفيات وإصابات وخسائر مادية وخاصة المنزلية منها، والتي تشهد تزايداً ملحوظاً في فصل الصيف، وتعود الحرائق المنزلية إلى جملة من الأسباب الرئيسية من أهمها الالتماسات الكهربائية وزيادة الأحمال، والإهمال بإسطوانات الغاز، إلى جانب عبث الأطفال بالأجهزة الكهربائية وأسلاك التيارات داخل المنازل وغيرها. ولتعزيز جوانب السلامة في المنزل أهمية بالغة، من خلال توعية الأطفال وربات المنازل بالإجراءات الصحيحة للوقاية من الحوادث المنزلية، وتدريبهم على التصرف السليم في حال تعرض المنزل لخطر الحريق، بالإضافة إلى أهمية توفر وسائل الإطفاء والإنذار عن الحريق، وتدريب جميع أفراد الأسرة على استخدامها متى دعت الحاجة لذلك، ومن المهم أيضاً تفعيل دور الأسرة للوقاية من الحرائق المنزلية من خلال تعليم الأبناء على طرق الوقاية من الحرائق، ومساعدتهم في التخطيط وما يتوجب عليهم عمله تجاه سبل السلامة، وكيفية التصرف أثناء الحوادث، كما أن الحاجة تدعو إلى ضرورة تظافر الجهود وترسيخ مفاهيم السلامة العامة لدى جميع شرائح المجتمع. زيادة الأحمال يقول م. علي الحميد -استشاري سلامة وصحة مهنية-: إن معدلات الحرائق المنزلية ترتفع صيفاً لأسباب عدة بعضها قد يكون حاضراً في باقي العام ولكن بحده أخف والبعض الآخر لا يحدث إلاّ في فصل الصيف، مؤكداً على أن من أهم أسباب الحرائق زيادة الأحمال داخل المنزل بشكل العام، مبيناً أن زيادة الأحمال تعني تشغيل أجهزة كهربائية كثيرة في الوقت نفسه، مما يضغط على مكونات الشبكة الكهربائية داخل المنزل فترتفع حرارة هذه المكونات ويحدث الحريق، مضيفاً: أن هذا ما يحدث غالباً عند توصيل جهاز التدفئة شتاءً على توصيلة كهربائية رديئة، ذاكراً أن من أهم أسباب ارتفاع الأحمال هو استخدام التكييف نظراً لارتفاع حرارة الجو، موضحاً أن مكونات الشبكة الكهربائية المقصودة هي الأجهزة الكهربائية مثل أجهزة التكييف، الأسلاك الداخلية، المقابس «الأفياش»، المفاتيح الجدارية وأخيراً القواطع في لوحة التوزيع «الطبلون»، لافتاً إلى أنه في بعض الحالات لا تكون الأحمال عالية ولكن بسبب ضعف جودة مكونات الشبكة المنزلية لا تتحمل الأحمال المتوسطة فتحترق مباشرة مع كون الحمل لا يزال معقولاً، مبيناً أن بعض أنواع التوصيلات الكهربائية وشواحن الجوال التي تسبب حرائق ليس بسبب استعمالها الخاطئ بل بسبب جودتها المنخفضة. ضعف المراقبة وأوضح م. الحميد: أنه يجب التنبيه إلى أنه قد يوجد خلل في الشبكة الكهربائية المنزلية مثل ارتخاء الأسلاك الذي يسبب ارتفاعاً في حرارة المفتاح، مضيفاً أنه نظراً لانخفاض الأحمال شتاءً فإننا لا نلاحظ هذه المشكلة ولكن مع ارتفاع الأحمال صيفاً فإنها تظهر بشكل سريع خاصة في أجهزة التكييف، منوهاً إلى أنه بخلاف الأسباب الكهربائية للحرائق فإن هناك أسباباً أخرى متعددة للحرائق صيفاً مثل ضعف مراقبة الأبناء بسبب تغير عادات النوم وبالتالي قد يسهرون منفردين بلا إشراف، مما يشجعهم على إشعال النار في المطبخ مثلاً لأي سبب وينتج عنه حريق مدمر، ذاكراً أنه إذا وافقت الإجازة الصيفية مواعيد للاحتفالات مثل عيد الفطر أو عيد الأضحى، فإن الألعاب النارية والدخول للمطبخ والعبث بالولاعات قد تحضر لتكون أسباباً أخرى في الحرائق المنزلية. توزيع متوازن وأشار م. الحميد إلى أن أهم الحلول هي التي تبدأ بالوقاية من أسباب الحريق وليس معالجة الحريق بعد أن يشتعل، مؤكداً على أن من بين هذه الحلول: التأكد من توزيع الأحمال بشكل متوازن في لوحة التوزيع «الطبلون»، وكذلك الانتباه للأحمال على المقابس الجدراية -الأفياش- والتوصيلات الكهربائية، بالإضافة إلى التأكد من جودة مكونات الشبكة الكهربائية المنزلية، موضحاً أن هذا يعتمد على علامات الجودة التي تحملها هذه المكونات فعندما تحمل علامة CE أو UL فهذا يعني أن جودتها عالية، مع الحرص على وجود علامة الجودة السعودية. فحص دوري ودعا م. الحميد إلى ضرورة صيانة الأجهزة الكهربائية، خاصةً أجهزة التكييف، ذاكراً أنه كلما تقدم المكيف بالعمر زاد صرفه للكهرباء وانخفضت فعاليته، وبالتالي قد ترتفع الأحمال التي يطلبها أو يحدث خللاً داخلياً يسبب الحريق، مضيفاً أنه يفضل استبدال المكيف إذا لوحظ أن عمره الافتراضي بدأ بالانتهاء، مُشدداً على أنه من الأمور التي نغفل عنها كثيراً هو عدم فحص مكونات الشبكة الكهربائية دورياً، مشيراً إلى أنه لا يتم معاينتها إلاّ بعد وجود عطل وهذا ما يجعل اكتشاف ارتخاء الأسلاك أو تلف مكونات الشبكة يتم بالمصادفة، مبيناً أن التوصيلات الكهربائية المتنقلة تُعد سبباً رئيساً للحرائق، لافتاً إلى أهمية توفير مقابس جدارية -أفياش- في أنحاء المنزل والتخلص من التوصيلات نهائياً. مسؤولية الآباء وذكر م. الحميد أنه يقع على عاتق الوالدين حمل كبير في مسؤوليتهما تجاه الأبناء في الوقاية من الحرائق المنزلية، مؤكداً على أن من أهم ما يقدمانه هو التوجيه والتدريب على أساليب الوقاية من الحرائق، مشيراً إلى أنه يجدر بهما أن يدربا الأبناء على إجراء الفحص الخارجي لمكونات الشبكة الكهربائية مثل الأسلاك والمقابس والمفاتيح وذلك بوضع اليد عليها فإذا أحسوا بحرارة فإن هذا يعني بداية الحريق، مضيفاً أنه يجب عليهما الإشراف بشكل دائم عليهم لمنع التصرفات الخاطئة في التعامل مع الكهرباء أو تقليد التصرفات الطائشة كالتي يشاهدونها في الفيديوهات عبر الإنترنت، لافتاً إلى أن أهم ما يجب على الوالدين هو تأمين كواشف الحريق لكل الغرف، موضحاً أن دخان الحريق يستغرق دقيقتين فقط حتى ينتشر في معظم أرجاء المنزل ويسبب اختناقاً لكل أفراد العائلة، موضحاً أنه كان من الأهمية وجود هذه الكواشف حيث تنبه لوجود الحريق خلال (20) ثانية فقط، ومن خلال هذا الوقت يمكن لكل أفراد الأسرة إخلاء المنزل بأمان، مشدداً على ضرورة تأمين طفايات الحريق وبطانيات الحريق وإضاءة الطوارئ التي تساعد على المكافحة الأولية للحريق وتساعدهم على إخلاء المنزل. وأضاف أنه يجب على الوالدين وضع خطة الطوارئ المنزلية من تجهيز لأرقام الاتصال وكيفية الخروج من المنزل عند الظلام التام نتيجة انقطاع التيار وقت الحريق، مبيناً أن هذا يتم عبر تمرين بسيط وذلك بإطفاء جميع الأنوار تماماً ومن ثم الطلب من الأبناء بمغادرة المنزل وعندها ستكتشف العائلة الصعوبات مثل الأثاث الذي يعيق الإخلاء أو صعوبة الوصول لمفاتيح الأبواب المقفلة والتي يجب وضع حلول لها. إجراءات السلامة ويشير دليل إرشادات السلامة المنزلية للشركة السعودية للكهرباء إلى أهمية توفير طفاية حريق مناسبة مع مراعاة أن تكون في مكان بارز وبعيد عن متناول الأطفال وعمل الصيانة الدورية لها، بالإضافة إلى تركيب أجهزة كشف الدخان في المطبخ والممرات، والعمل على صيانتها واستبدالها عند اللزوم، وتدريب أفراد الأسرة على التجمع في نقطة معينة عند سماع الجرس، إلى جانب توفير حقيبة الإسعافات الأولية مع مراعاة وضعها بعيداً عن متناول الأطفال ويؤمن بها بعض الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية، وتحديد مخارج للطوارئ وأماكن تجمع أفراد الأسرة عند حدوث حريق، وكذلك التدريب على كيفية التعامل مع الحوادث عند وقوعها والتصرف بهدوء ومحاولة مساعدة الأطفال وإخراجهم إلى مكان آمن، بالإضافة إلى ضرورة تعريف الأسرة بهاتف الدفاع المدني (998) عند حدوث أي طارئ لا سمح الله. خطوات مهمة ويؤكد الدفاع المدني إلى أهمية القيام بعدد من الخطوات من أجل التعامل مع الحوادث المنزلية ومنها الخروج فوراً مع أفراد العائلة وفي حال كان هناك كثافة دخانية فيتطلب الخروج من المنزل زحفاً على اليدين والركبتين، وفي حال كان الجميع في الدور العلوي والحريق في الدوري الأرضي؛ فالأفضل اللجوء للسطح والبقاء فيه حتى يتم إنهاء الحادث، وكذلك الاتصال بالدفاع المدني على الرقم (998)، وإعطاء وصف واضح لموقع الحادث مع ملاحظة ضبط النفس والهدوء أثناء الوصف، إلى جانب اتخاذ بعض الإجراءات في حالة القدرة عليها مع مراعاة عدم المجازفة والمخاطرة حتى وصول فرق الدفاع المدني للموقع، كفصل التيار الكهربائي من القاطع الرئيس وإغلاق محابس الغاز، واستخدام الطفاية اليدوية المتوفرة في الموقع إذا كان الحريق محدوداً، إضافةً إلى إبعاد المواد الخطرة من موقع الحادث إن أمكن ذلك، وعدم التصرف في أشياء قد تلحق الضرر بالآخرين. يجب الانتباه للأحمال على الأفياش م. علي الحميد