على مر التاريخ وفي مختلف مناطق العالم.. عاشت وتعايشت دول صغيرة بجوار دول أكبر منها حجماً.. فحققت "أنموذجاً" مثالياً في التعاون والتكامل. بل إن بعض هذه الدول الأصغر ذهبت إلى أبعد من ذلك، فاستطاعت منافسة جيرانها الأكبر باختيارها الجانب السوي والإيجابي من طموح التميز والنهضة.. من حيث مواءمة الجوانب الاقتصادية مع المميزات الجغرافية ومع قدرات العنصر البشري، وأوجدت لنفسها مكاناً بارزاً ومتميزاً، وبنت إستراتيجيتها على اختيار مجالات معينة تفتقدها أو لا يركز عليها جيرانها الكبار، فحققت مكاسب عديدة من خلال هذا التوجه انعكس على تطوير قدرات مواطنيها ليقودوا التميز ولتكون بلاد خير تساهم في خير الإنسانية متجاوزة عقبتي صغر المساحة وقلة تعداد السكان. في المقابل فإن بعض الدول وبالتحديد الشقيقة الصغرى قطر تحكمت فيها طويلاً عقدة النقص واستسلمت لأهواء حكامها وسادت على سياساتها شرور النفس الإمارة بالسوء.. فاختارت مبدأ التماهي مع محيطها والتميز ولكن بطريقة عكسية.. تحاول أن تلعب الدور الذي تلعبه جاراتها الكبار بحكم الموقع الجغرافي والمساحة والتاريخ والديموغرافية والاقتصاد التي حباها الخالق عز وجل.. فكيف إذا كان الشرف أن تضم الجارة الأكبر أطهر بقاع الأرض وأقدسها ومهوى أفئدة المسلمين ومقصد حجاج وزوار البيت العتيق ومسجد نبي الأمة العظيم. ولاستحالة ذلك كان على اللاعب الصغير أن يتنازل عن كثير من مبادئ الجوار والإنسانية والسلم والسلام والأخلاقيات لكي يرتقي إلى دور أكبر يلفت فيه أنظار العالم. ولأن هذه الأدوار تفوق طاقة هذه الدولة من حيث المساحة الجغرافية المحدودة وأثرها المتواضع وكذلك العنصر البشري البسيط في قدراته وأعداده بل وحتى خبراته، اعتقد من تولوا أموره اغتصاباً: أن المال الوفير يمكن أن يعوض عن هذه القدرات المحدودة بحيث تشترى الأدوار والمصالح والتصنيفات بأي طريقة كانت وبأي ثمن. وانطلقت قيادة عاقة متهورة منفكة من عقالها تثير القلاقل والفتن تحتضن الموترين المرجفين الخارجين عن أوطانهم فتجمعهم في مكب تفوح منه رائحة الغدر والخيانة وتمدهم بخناجر مسمومة في ظهور من كانوا إخوانهم وبني جلدتهم. فتارة تسلط وسائل إعلامها الساقطة ومرتزقتها الذين اشترت ذمم بعضهم من سوق النخاسة الإعلامية، وتارة تعمل على تدمير جيرانها بتمويل منظمات إرهابية متسترة بستار الدين بالمال والسلاح ظناً منها أنها بمقدورها خطف نصر هنا أو دور هناك. وأن الثعلب قد يسود إذا فنيت الأسود.. وسلّمت نفسها طواعية مطية لكل كاره وعدو ومتربص مفاخرة بأنها تؤدي دوراً يخجل منه الكبار واخترقت محظورات لا يخوض فيها إلا المتهورون والغلمان ومن سار على نهجم. وفي خضم هذا الضجيج، غفل العالم عن ممارسات لقطر هي في الحقيقة عظيمة ولا يؤديها إلا الصغار ممن اعتلوا منصات الوهم.. لم يدرك من وراءها أن هذه اللعبة القذرة تجاوزت كل الحدود ووصل أذاها لكل العالم تدميراً ممنهجاً للقيم السماوية والأخلاق والأعراف الإنسانية والسلم العالمي.. والأسوأ من ذلك أن أبواق الصغير تبرز هذا الإرهاب الأسود وتتميز في الوصول إليه وتدعمه.. وفي الوقت ذاته تتظاهر بمحاربته ضمن التحالفات الدولية والإقليمية. والأدهى والأمر من ذلك تسببت ارتكاباتها في إلصاق هذا الوباء الخطير بدينها الحنيف أطهر وأنبل الرسالات السماوية وتدمير شباب الأمة. وكان لا بد للكبار أن يحزموا أمرهم مرة أخرى فكان آخر العلاج الكي. لكي يكفوا أذى الجار المتنمر عن أنفسهم وعن إخوانهم وعن العالم.. وأن يأخذوا على يده.. حيث لم تنفع كل محاولات النصح ولا الوعيد ولا المواثيق والعهود بل استمرأ الكذب والخداع بل وحتى الادعاء والافتراء ولم يسلم قريب أو بعيد من سفاهاته حتى الرياضة دنسها بماله وتكشف للعالم ومايزال مشهداً من الرشاوي والابتزاز والصفقات المشبوهة لم يشهد لها العالم مثيلاً. في زمن الحزم والعزم حان وقت الحساب على ما اقترفته يديك.. ولن تعامل كما القصار برأفة ورحمة لأن سنوات العربدة تجاوزت سنوات طيش المراهقين.. فهل كنت مدركاً لما تسببت به من آلام؟ وهل أدركت بعد تسببك بهذه القطيعة، كم ارتكبت من فضائع بحق العالم والبشرية والأهل والجيران والدين والقيم؟.