من ضمن الأمثال الشعبية المكررة والمتداولة مثل يقول "إذا أكلتْ بصَلْ ف ..... كثّرْ" وهو مثل سلبي للسلوك، إذ إن معناه إذا كنتَ آتيا عملا يوقع في نفوس الناس نفورا فأكثر منه، لأنك أصلا متورط فيه، ومعروف عنك. وبحثت في الأمثال الإنجليزية الدارجة عن مثل نستعمله في الفصحى يقول: إذا ضربتَ فأوجع، ولكني لم أجد مثلا يُطابق أو على الأقل يُقارب المثل الأخير. ولهذا فإن أميركا في سنواتها الأخيرة تلامس خصمها - أو ما يبدو كخصم لها ملامسة دلع، لا بقصد القضاء عليه كليّة.. بل "دق خشمه" فقط . ومعلوم أن البصل مثير للاشمئزاز عند غالب الناس، خصوصا عند من لم يتناوله. وتجنب البصل محبب، لكن إذا أكل المرء من قليله فهو مثل كثيره. وما تفعله الأمثال في ثقافات الشعوب أمر معروف، فقد مرتْ قرون كان المثل يعتبر حكمة يرجع إليها الناس في أحوالهم. قيل عن المثل إنه حكمة الولاة وإضاءات الحكّام، وكانت الأمثال تُشبه الدساتير في بعض الأعراف القبلية. عندي صديق بحريني يقول إن جدته لا يمكن أن تتحدث دون إدخال مثل أو أكثر في أقوالها، وتأخذ الأمثال عندها حيزا لا من حديثها بل وحتى من حياتها العامة وحركاتها اليومية، لدرجة أن أحفادها يحتاجون إلى ترجمة أو تفسير ماذا كانت تقصد الجدّة الفاضلة. وأرى أننا مع العصر الرقمي بدأنا نفقد أهمية المثل وحيويته، ولم نعد نسمع ضمن إيجازات السياسيين وأصحاب القرار أمثلة لدعم أقوالهم وحججهم. ومن الملفت للنظر تطابق أمثال كثيرة بين عدة لغات. فالمثلان أدناه ينطبقان على قولنا "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها" 0 --If you set a trap for others, you will get caught in it yourself. If you roll a boulder down on others, it will crush you instead. 0 - Whoever digs a pit will fall into it, and a stone will come back on him who starts it rolling. كذلك أعتقد أن المجتمعات الإنسانية قاطبة بدأت تميل إلى الاختصار وكسب الدقائق والثواني وإيصال أفكارهم إلى قاعدة المستمعين دون الدخول في أدب الأمثال، الذي قد يُكلّف السامعين وقتا لتحليله وفهم مقصد المتحدّث.