على الرغم من وقع وظروف قرار حجب البدلات عن موظفي الدولة والذي صدر قبل أكثر من نصف عام، إلا أن الحكومية الرؤوفة بشعبها، والتي دفعتها ظروف اقتصادية إلى ذلك القرار، سرعان ما مدت يدها الحانية من جديد، لتلغي ذلك القرار بعد أن أدت سياسات الإصلاح الاقتصادي أوكلها سريعاً وفي وقت أسرع من المتوقع، فتنفس المواطنون الصعداء بعد أشهر من غياب تلك البدلات التي تشكل رقماً لا يستهان به من الرواتب في القطاع العام، إلا أن الحكومة الحريصة على استقرار شعبها، ورفاهيته، لم تجعل تلك البدلات التي خُصمت بالفعل أثراً مأثوراً، ولا ماضياً منسياً، فقد صدر التوجيه السامي الكريم ليلة البارحة بإعادة تلك البدلات بأثر رجعي، مما يعني استعادة المواطنين لكل مبالغ البدلات التي خصمت عليهم طيلة الأشهر الماضية، في صورة من أنصع صور الحرص الأبوي لخادم الحرمين الشريفين على تحقيق رفاعية العيش لأبنائه المواطنين. وعلى الصعيد الاقتصادي، ستشكل إعادة مبالغ البدلات بأثر رجعي جرعة منعشة للاقتصاد المحلي، وستدفع بالأسواق المحلية إلى الانتعاش في موسم الصيف الذي يشهد كل عام ارتفاع المصاريف الأسرية، مما سينعكس ايجابياً على القوة الشرائية للمواطنين، ويخلق حراكاً اقتصادياً ايجابياً. ومن المتوقع أن ينعكس قرار إعادة البدلات بأثر رجعي بشكل إيجابي على السيولة في السوق المحلي، ويعزز من حركة سوق التجزئة بشكل مباشر، وكذلك قطاعات أخرى بدأ تأثرها واضحاً بالتراجع إبان حجب البدلات عن موظفي القطاع العام. وكان وزير المالية محمد الجدعان قد أكد حين صدر قرار خادم الحرمين الشريفين في أبريل الماضي بإعادة البدلات إلى موظفي الدولة أنه سيتم البدء في صرف البدلات والمكافآت للموظفين المدنيين والعسكريين مع رواتب "الجوزاء"، وتوقع الوزير أن ينتج عن القرار انتعاش للاقتصاد ورفع مستوى الثقة في الاقتصاد السعودي . وكان الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية رفع توصيته بإعادة البدلات والمزايا كما كانت، وذلك بعد تحسن الاقتصاد المحلي، فحسب مصادر اقتصادية حققت الحكومة نجاحات في ترشيد الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي من خلال استهداف خفض قدره 80 مليار ريال في العام الماضي و17 مليار ريال في العام الحالي. ويأتي أمر خادم الحرمين بإعادة البدلات لجميع موظفي الدولة بأثر رجعي ليوحي بقوة ومتانة الاقتصاد السعودي المتنامية على الرغم من الضغوط الكبيرة التي تمثلها الرواتب في ميزانية الدولة، حيث بلغت الرواتب أكثر من 322 مليار ريال خلال عام 2015، وشكلت البدلات ربع اجمالي الرواتب، وقدرت مصادر قيمة البدلات 79.2 مليار ريال للبدلات (25 في المئة من المخصصات). وستساهم عودة البدلات في تعزيز التوازن الاقتصادي في مرحلة تعمل المملكة خلالها على تحقيق برامج طموحة تعزز في مجملها من رفاهية المواطن وتوليد الوظائف وتعدد مصادر الدخل، وتبدو نتائج تلك البرامج الأولية مبشرة في ظل التوازن الاقتصادي السريع الذي صنعته الرؤية الواضحة وكفاءة الأداء الحكومي في ظل رؤية 2030. قرار إعادة البدلات بأثر رجعي ينعكس بشكل إيجابي على السيولة في السوق المحلي