اعتراف الرئيس الأميركي بتمويل قطر للإرهاب، وتاريخها الطويل مع الجماعات والمنظمات الإرهابية، ودعم الأفكار المتطرفة؛ كافٍ لاستقلال الحقيقة، ويكفي عن أي مزايدة أخرى، ولم يعد هناك مبررات اختراق، أو ضغوطات، أو تحالفات على حساب الحرب على الإرهاب. من يعترف هو رئيس أقوى وأعظم دولة في العالم، ولديه من المعلومات والحقائق ما يغني، ويحمل في الوقت نفسه رسالة لحكومة الدوحة من أن عهد أوباما المتخاذل والمتردد انتهى بلا رجعة، واللعبة انتهت هنا، ولن يكون هناك مشروع قطري فوضوي متناقض ومتحالف مع قوى الشر بعد اليوم، أو وقت للمكابرة والمراوغة، وعلى قطر أن تغيّر سياساتها والإذعان للشروط المعلنة من طرف واحد، أو أن سقف العقوبات والمطالب يرتفع ليطال تميم ووالده في دعم الإرهاب، وعليها أن تفهم الرسالة قبل فوات الأوان، وهذه إشارة مهمة من أن تغيير النظام الحاكم في قطر أسهل بكثير من نقل قاعدة العديد، ورسالة تحذيرية أخرى من تدخل أي قوى إقليمية في الأزمة القطرية بما فيها تركيا وإيران؛ لأن التدخل يعني المواجهة والتغيير الحتمي للنظام. إعلان قائمة الإرهابيين والكيانات الإرهابية المدعومة من قطر يمثّل منعطفاً مهماً في الأزمة؛ ليس على صعيد إثبات الحقيقة الواضحة للعيان، أو فشل الوساطة الكويتية تبعاً لذلك، ولكن على مستوى تصعيد الأزمة خارج المنطقة إلى دول وهيئات عالمية قد تتخذ موقفاً من الدوحة، وتفتح حساباً من نوع آخر، وهو ما حصل سريعاً من الرئيس دونالد ترامب، وسيعقبه حتماً رؤساء آخرون على ذات التوجه. الأزمة مستمرة؛ لأن قطر لا تزال ترى في المال السياسي وسيلة للبقاء، والمناكفة، والمواجهة السياسية والإعلامية، وهي نظرة برجوازية لا تليق بلغة المصالح السياسية، والفهم العميق للأدوار الجديدة في المنطقة، والتوجهات الأخرى التي تشكّلت بعد قمة الرياض، إلى جانب أن حلفاء قطر بعد خطاب ترامب سوف يراجعون مواقفهم، ويعيدون حساباتهم؛ لأن لديهم مشروعات أخرى أكبر من قطر في المنطقة، والموقف الأميركي مهم في تسوية تلك الملفات، ولا يمكن التضحية بمصالحهم على حساب مستودع بشري قطري صغير ومعزول في الخليج. معطيات السيناريو المقبل من عمر الأزمة يقول باختصار أن لا حل ولا ضمان للتسوية بوجود تميم ووالده، لأنهما أنكرا الجميل، وخانا العهد، وتسببا في مقتل وتشريد الآلاف من الأبرياء، وإثارة فوضى الربيع العربي، وكلها أعادتنا إلى الوراء سنوات من الزمن..أمنياً واقتصادياً، والأخطر طائفياً، وبالتالي لا أعتقد أن الحل في قطر يتوقف عند شروط ينفذها تميم ووالده، أو يعوّل عليهما في ذلك، والأيام المقبلة ستكشف جزءاً من هذا التوجه، خاصة مع حملة التصعيد الدولية.