ترى شركة اكسون موبيل فى توقعاتها السنوية لمصادر الطاقة بأن سكان العالم سينمو بحوالي 1.8 مليار نسمة بحلول 2040م وسيترتب على ذلك ارتفاع حاجة العالم للطاقة بحوالي 25% عن المعدلات الحالية. ولاشك ان هذا النمو بعدد السكان سينتج عنه مزيدا من الطلب على وقود المواصلات والمواد الاستهلاكية المصنوعة من البلاستيك او البتروكيماويات بشكل عام. سيرتفع عدد السيارات بالعالم من مليار سيارة فى 2015م الى 1.8 مليار سيارة بحلول 2040م ولكن ستكون السيارات انذاك اكثر كفاءة بحيث تقطع مسافة اكثر بوقود اقل وعلى سبيل المثال، في 2015م كان معدل المسافة التى تقطع السيارة باللتر الواحد من الوقود حوالي 12.7 كلم وسترتفع هذه النسبة فى 2040م الى 21 كلم. وسيزداد استخدام السيارة الهجينة والبديلة التي تستخدم وقودا غير النفط مثل الغاز الطبيعي والسيارات الكهربائية وربما تصل نسبة مبيعات السيارات الكهربائية الى 10% في امريكا فى 2040م. سيتغير مزيج الطاقة العالمي فى 2040م بسبب خفض الاعتماد على الفحم ورفع الاعتماد على الطاقة المتجددة والنووية بسبب الكربون تماشيا مع اتفاق باريس للمناخ. وبحسب اكسون فان خليط الطاقة سيكون فى 2040م عبارة عن 32% نفط و25% غاز و20% فحم و7% نووي والباقي متجدد. وهذا يعنى ان الطاقة الاحفورية ستزود العالم بحوالي 77% من طاقته بعد ان كانت 82% فى عام 2015م. وستشكل الطاقة النووية والمتجددة 40% من نمو طلب العالم على الطاقة فى 2040م. سيستمر النفط كمصدر اول للطاقة بالعالم ولكن نلاحظ فقدانه لجزء ليس بسيط من حصته فلقد كانت نسبة النفط فى خليط الطاقة العالمي 38% قبل سنوات. يبدو واضحا ان العالم يعمق ويشرع خفض الاعتماد على مصادر الطاقة التى تساهم بتغير المناخ. ولا شك ان الفحم يعتبر سيد هذه المصادر ويأتى النفط بعده ولكن بدرجة اقل لان استعمالاته كثيرة ومتنوعة من وقود للنقل الى مصدر للبلاستيك الذي دخل بكل مجالات حياتنا اليومية. بينما الفحم يحرق لتوليد الكهرباء فقط وتقوم الصين بتحويل جزء منه الى البتروكيماويات. فى 2015م كانت نسبة النفط فى وقود النقل بالعالم 94% وستنخفض هذه النسبة الى 89% فى 2040م وبينما سترتفع نسبة الغاز الطبيعي في وقود النقل من 1% في 2015م الى 5% فى 2040م. واما فى فى توليد الطاقة فستنخفض نسبة النفط من 5% الى 3% بحلول 2040م مقابل ارتفاع للغاز الطبيعي من 25% الى 27% فى 2040م. والحقيقة ان النفط لا يستخدم بتوليد الطاقة الكهربائية الا ببعض دول اوبك لانه اغلى من ان يحرق. وهذا يشير الى ان الغاز الطبيعي سيظهر كمنافس قوي للنفط وهو السبب الرئيس لانخفاض نسبة النفط فى مزيج الطاقة العالمي. ويتوقع ان يرتفع استهلاك العالم للنفط فى 2040م الى 114 مليون برميل باليوم وهو ارتفاع بحوالي 16 مليون برميل خلال 23 سنة وهذا يعنى ان نمو الطلب العالمي على النفط سيكون اقل من مليون برميل باليوم وهو انخفاض ملحوظ للطلب على النفط الذي كان بحوالي 1.1 مليون برميل سنويا. بالاضافة الى ان حصة النفط غير التقليدي (صخري ورملي وحيوي) يتوقع لها ان ترتفع فى 2040م الى 20 مليون برميل باليوم من حوالى 7 مليون برميل حاليا. تتغير احوال النفط واحوال الدول المصدرة باستمرار بسبب طبيعة النفط الناضبة واعتماده على استثمارات هائلة وعلى تقدم التقنيات كما هو الحال بالنفط غير التقليدي واستخراج النفط من المياه العميقة ومن القطب الشمالي. وعلى سبيل المثال بدأنا نلحظ انخفاضا ظاهرا بتصدير النفط من بحر الشمال وفنزويلا والمكسيك. ولقد انخفضت كميات النفط التى تصدرها هذه الدول مجتمعة بحوالي 2 مليون برميل بآخر عشر سنوات. ولكن بالمقابل ظهرت دول جديدة لديها قدرة كبيرة على تصدير النفط اذ ارتفعت كميات النفط التي تصدرها كندا والبرازيل والعراق بآخر عشر سنوات بحوالي 2.5 مليون برميل باليوم وهكذا شهدنا تغيرا ملموسا بالادوار. ولقد وصل معدل انتاج امريكاوكندا معا فى 2007م الى حوالي 7 ملايين برميل باليوم وهما ينتجان الان حوالي 12.5 مليون برميل بفضل تقدم التقنيات والقدرة على انتاج النفط من المياه العميقة وانتاج النفوط غير التقليدية بكلفة اقل من عشر سنوات مضت. وفى الختام سيبقى النفط التقليدي اهم مصدر للطاقة بالعالم خلال الثلاثين عاما القادمة رغم المصاعب والتحديات التى يواجهها من المنافسيين ومن البيئة وذلك لانخفاض كلفة انتاجه ولتنوع مجالات استخدامه التى لا ينافسه فيها اى مصدر اخر وخاصة كوقود للطائرات وكمصدر لانتاج البلاستيك. وستبقى المملكة باحتياطياتها الهائلة من النفط التقليدي وسياساتها الحكيمة بالمضي قدما بالاستثمار بصناعة النفط ركن الطاقة بالعالم التى من اولوياتها المحافظة على النفط كمصدر اول للطاقة. والحقيقة ان محافظة المملكة على اكبر طاقة انتاجية للنفط بالعالم ومنذ عقود جعلها قطب الرحى لصناعة النفط والصمام الاول للطاقة بالعالم. ولكن التغير من طبيعة الاشياء، فعلى سبيل المثال كانت نسبة النفط فى مزيج الطاقة العالمي فى عام 2000م 39% وفى 2040م يتوقع أن تنخفض الى 32% وهذا يشير الى ان العالم سيتغير لا محالة بعد 50 عاما، وربما الاجتهاد بالتحول التدريجى من الاعتماد الكلي على النفط الى اعتماد جزئي سيكون جسر العبور الى المستقبل. * مركز التكرير والبتروكيماويات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن د سليمان صالح الخطاف *