يلتبس على كثير من الناس معرفة حدودهم في التعبير عن آرائهم. فكثير منهم يتجاوز المساحة المسموحة له في إبداء الرأي إلى حد الإساءة بالغير ضناً منهم أنها حرية رأي. هذا الأمر خطير فهناك فرق كبير بين التعبير عن الرأي كنقد للعمل ذاته و الإساءة للشخص نفسه. ف التعبير عن الرأي هو إبداؤك لرأي حول إشكالية معينة تجاه عمل ما في جهة معينة أو وزارة أو مؤسسة لأجل المصلحة العامة. فطالما أن هذا الرأي موضوعي وموجّه لعمل أو لسلوك ما، فهو مشروع ولا حدود فيه في حين لو كان التعبير عن الرأي موجَّه لشخص ما بعينه في شخصيته أو سلوكه أو قدراته بحيث يكون بعيد كل البعد عن الموضوعيه ويعتنق الشخّصنه فهذا غير مسموح فيه لأن فيه إساءة للغير. فحق التعبير عن الرأي مصان في الشريعة الإسلامية لما فيه صلاح وخير للمسلمين ولما فيه من تجلي للحقائق والمنفعة العامة ولكن في الوقت نفسه حرّمت الشريعة الإسلامية إلحاق الضرر أو الأذى للفرد أو الدولة بأي شكل من الأشكال. فقد أكد وحث على إبداء الرأي صحابة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فهذا أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- يقول:"إن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فيكم". ويقول الصحابي الجليل عمر بن الخطاب: -رضي الله عنه- عندما تولى الخلافه: "من رأى منكم فيّ إعوجاجاً فليقومه". واليوم في بلادنا الغالية يُسطِّر الملك سلمان أروع مايقال منذ توليه قيادة هذه البلاد المباركة حيث قال: "أبوابنا مشرّعة لكل من يرى نقصاً أو عيباً وأقول بكل شفافية: (رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي) فكل من يرى خللاً في العقيدة أو مصالح الشعب ودولتنا فنرحب به ويسعدنا ذلك". هنا ضرب خادم الحرمين الشريفين نموذجاً يُحتذى به في ضمان حرية التعبير عن الرأي واعطائها أهمية كبرى. ولكن للتعبير عن الرأي ضوابط شرعية يجب التقيد بها جاءت بها مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته التاسعة (1430) حيث إن من أهم هذه الضوابط: أن تكون الغاية من التعبير عن الرأي مرضاة الله تعالى، وخدمة مصالح المسلمين الخاصة والعامة، وألا يتضمن الرأي أي تهجّم على الدين أو شعائره أو شرائعه ومقدساته، وعدم الإساءة للغير بما يمس حياته أو عرضه أو سمعته أو مكانته الأدبية مثل الانتقاص أو الإزدراء والسخرية، ونشر ذلك بأي وسيلة كانت. والتزام الموضوعية والصدق والنزاهة، والتجرد عن الهوى والمحافظة على مصالح المجتمع وقيمه، وأن تكون وسيلة التعبير عن الرأي مشروعة، فلا يجوز التعبير عن الرأي ولو كان صواباً بطريقة يراد بها مفسدة، أو تنطوي على خدش الحياء أو المساس بالقيم، فالغاية المشروعة لا تبرر الوسيلة غير المشروعة وعدم الإخلال بالنظام العام للأمة، أو إحداث الفرقة بين المسلمين. ومراعاة قاعدة التوازن بين المصالح والمفاسد. وأن يكون الرأي مستنداً إلى مصادر موثوقة، وأن يتجنب ترويج الإشاعات. بقي أن أقول: إن للشخص حرية التفكير فيما يشاء وكيفما يشاء طالما أنها بينه وبين نفسه ولا تتعدى حدود غيره وأن يبتعد كل البعد عن كل قول فيه خرق للقانون وأعراف الدولة ليحمي نفسه من المساءلة الجنائية.