تعد المرحلة الجامعية مرحلة مهمة في مسيرة الطالب إذ أنها تمثل ذروة عنفوان الشباب، ومراهقته، وفيها تتشكل أفكار الطالب وتتحدد اتجاهاته. فالطالب في هذه المرحلة لاتزال أرضيته العلمية واطلاعاته المعرفية ضئيلة ومحدودة، لم ترسخ قدمه في المعرفة العلمية، ولم يمتلك أدوات المعرفة التي تمكنه من فحص الأفكار والاتجاهات فحصا علميا سليما، وربما قد يكون البعض منهم لديه مطالعات وقراءات لكن يبقى للمرحلة العمرية أحكامها، ويبقى أخذه للعلم من الموثوقين علمياً وفكرياً، ومن منابعه الصحيحة المتسمة بالوسطية والاعتدال. لذلك فالأكاديمي تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة في صد الغلو والتطرف، واجتثاث بذرته قبل أن تنبت وتثمر من خلال فتحه قنوات للحوار مع طلبته، وفحص وتمحيص أفكارهم، وعدم إهمال بوادر التطرف والغلو الفكري لدى الطالب، أو التغافل عنها، لأن أفكار التطرف ومعتقداته ليست مرحلة كمرحلة المراهقة تزول بالتغافل، وإنما يحتاج التطرف إلى مواجهة علمية وفكرية متكررة للقضاء على تلك الأفكار السيئة حتى لو تضمنت المواجهة إظهار الأكاديمي لمظاهر الغضب الجسدية، وإظهار ما أنعم الله عليه به من القوة العلمية والعملية لكون ذلك من الطرق التي وردت بها الشريعة لمعالجة بوادر الغلو والتطرف كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (رخص رسول الله في أمرٍ، فتنزه عنه ناس من الناس، فبلغ ذلك النبي فغضب حتى بان الغضب في وجهه، ثم قال(ما بال أقوام يرغبون عما رخص لي فيه، فوالله! لأنا أعلمهم بالله وأشدهم له خشية). كذلك فإن من الدور الأكاديمي في وقاية المجتمع من الغلو والتطرف استقطاع الأستاذ الجامعي جزءاً من وقت المحاضرة لتثقيف الطالب وتوعيته بماهية التطرف وأخطاره، وأدواته، وأساليبه الظاهرة والخفية، وتنبيه الطالب من الانخداع بالشعارات، أو بالمظاهر، أو بالتغريدات، وبالمقاطع الصوتية والمرئية والمقروءة، واستعراض شبهات التطرف الفكرية والعملية أمامهم وتفنيدها تفنيداً علمياً، لأن الجهل هو السلاح الذي يصطاد به التطرف فرائسه، وفي المقابل فإن الوعي المعرفي هو السلاح الوقائي الذي يحصن به الطالب الجامعي من الانحراف للتطرف.