وأخيرا اختار حوالي 57% من الشعب الإيراني إعادة انتخاب حسن روحاني رئيسا لإيران الملالي لأربع سنوات قادمة. جاء روحاني (68 سنة) إلى الانتخابات وفي سجله إنجاز الاتفاق النووي التاريخي مع القوى العالميّة في يوليو سنة 2015م والذي أثمر عن رفع العقوبات الغربيّة المفروضة على إيران. ويبقى السؤال هل يمكن لروحاني الموصوف بالمعتدل أن يحدث تغييرا في توجهات نظام الملالي في القضايا السياسية والعسكرية وفي علاقات الإيرانيين بجيرانهم؟ بعض المحللين تفاءلوا وذهبوا بعيدا متناسين أن منصب رئيس الجمهورية في إيران مفرّغ من مضمونه حيث يحتفظ المرشد الأعلى (القائد) بحق التعيين في المناصب الكبرى ويشرف على السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) ناهيك عن أنه الموجّه الفعلي للجيش والمخابرات وهو من يرسم خطوط السياسة الخارجية. أما روحاني خريج الحوزة العلمية في سمنان وقم الذي يحمل رتبة حجة الإسلام فالمتتبع لتاريخه يعرف أنه لم يكن بعيدا عن غلاة الملالي منذ بدأ نشاطه مرافقا للخميني في منفاه بفرنسا حتى تغير التكتيك السياسي بداية الألفية الثانية. يقولون عنه إنه مفاوض مراوغ ورجل دين يصدر الفتوى بمقاييس السياسة ويسميه الإيرانيون في حواراتهم "بالرئيس المحتال!" ويتميّز روحاني بقدرته على لبس القفازات الناعمة ليظهر إصلاحيا أمام العالم ولكن بمواصفات المرشد الأعلى. وتعرف النخب الإيرانية جيّدا أن المعتدلين السياسيين الحقيقيين والمعارضين لخط الملالي إما في المنافي أو وراء القضبان وفي أحسن الأحوال تحت الإقامة الجبرية. روحاني الرئيس السابع لجمهورية الملالي ابن المدرسة التقليدية الخمينية التي رعته ووضعته في أهم مراكزها من مصلحة تشخيص النظام إلى مجلس الشورى إلى الأمن القومي وقيادة قوات الدفاع الجوي. وبهذا فروحاني شريك ملتزم بخط ثورة الملالي وحق إيران في السلاح النووي والتوسع في الصناعات الحربية والنفوذ الثوري في المحيط العربي والإسلامي. وقد صرح روحاني بعيد فوزه أنه لن يوقف برنامج إيران الصاروخي وأن الحرس الثوري جزء لا يتجزأ من النظام الإيراني. كما علّق على نتائج قمم الرياض الثلاث مع الرئيس الأميركي "ترمب" بقوله "لا يمكن تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط من دون مساعدة طهران" وهو تصريح يحمل من التهديد أكثر من مجرد البحث عن دور. لا جديد إذا فالإيرانيون اختاروا السيئ هروبا من الأسوأ والعرب والعجم كلّهم يعرفون جيّدا أن فترة رئاسة روحاني الأولى شهدت تراجع التنمية في إيران وتنامي تسليح الحوثيين في اليمن وتحويل مدن العراق إلى ساحة ميليشيات وإرسال المرتزقة وعصابات حسن نصر الله للمشاركة في قتل السوريين وتأزيم الأزمة المستفحلة. * قال ومضى: لسلامة روحك: لا تصادق المحتال ولا ترافق المختال..