حتى بعد إقرار قانون الرسوم على الأراضي البيضاء، ظل الاعتقاد سائداً لدى البعض بأن تنفيذ القرار صعب المنال، خصوصاً وأنه غالباً يتعلق بشخصيات لها وزنها التجاري أو السياسي، إلا أن إصرار وزير الإسكان ماجد الحقيل ومن ورائه حكومة المملكة على إصدار فواتير واجبة السداد في الرياض ومن ثم جد قبل أسابيع، جعل الكثيرين ينظرون إلى جدية الوزارة في ترجمة وعود رؤية 2030 بعين الترقب لا التشكيك في أسوأ الأحوال. وكانت الوزارة أعلنت مؤخراً إصدارها فواتير برنامج رسوم الأراضي البيضاء في مرحلته الأولى بمدينة جدة، التي تشمل الأراضي الواقعة داخل النطاق الجغرافي ولم يتم تطويرها، وعددها 490 فاتورة، جاءت بعد إصدار 245 فاتورة لأراضي مماثلة في الرياض، تجاوزت أمتارها مجتمعة 320 مليون متر مربع، ما يتوقع المراقبون أن يمد خزينة الإسكان بملايين الريالات، مما سينعكس حتماً على علاج معضلة الإسكان، التي تعهدت الرؤية في وضع حل لها على مستويات قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى. وترى الأوساط المعنية بالسوق، أن تكليف الوزير بالمهمة استهدف "اسهام القطاع العقاري في الناتج المحلي"، عبر إعادة هيكله القطاع من كونه غير منتج، إلى رافد اقتصادي مهم للمملكة، وهو ما ترجمته "الإسكان" في سبعة أركان ونظم، مثلت أهم مبادراتها للعبور إلى العهد الجديد، مثل أتمتة الإيجار، وحملة سكني، وملاك، والأراضي البيضاء، وإتمام، ووافي، وسواها. يأتي ذلك في وقت تراهن الرؤية السعودية وفارسها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على وزارة الإسكان ووزيرها الحقيل، لتحقيق طموحات المواطنين بسكن ملائم، وحياة أكثر جودة. ومع أن وزير الإسكان يستند إلى ركن شديد في قراراته الجريئة على هذا الصعيد، بوصفه يترجم قانوناً صريحاً من الدولة، إلا أن خبرته العقارية والمالية قبل تقلده حقيبة الوزارة، يرى المراقبون أنها منحت الرجل أيضاً قدرة، على تحديد أين وكيف "تؤكل الكتف" العقارية، مثلما يقال، ذلك أن الحقيل تقلد مناصب عدة في قطاعات الاستثمار والبنوك والتأمين والطيران المدني والعقار، قبل أن يصبح وزيراً بين أكثر وزراء بلاده شباباً وحيوية وإثارة للجدل، نظير أهمية الوزارة التي يقودها. وخلال عمله وزيراً للإسكان أطلق خطة الإسكان الوطنية، الأكثر طموحا في تاريخ بلاده والتي تهدف إلى تسليم 280 ألف منتج إسكاني من مشاريع الإسكان الاقتصادي بداية من عام 2017 ووضع مستهدف مماثل إضافي كل عام يليه. إضافة إلى مسؤولية معاليه عن إصلاح الدعم المالي للمواطنين السعوديين الراغبين في شراء منتج إسكاني، بإشراك القطاع التمويلي وتنفيذ نموذج إعمال مستدام لصندوق التنمية العقارية، دافعا نحو مضاعفة إسهام القطاع التمويلي في سوق الرهن العقاري، وأطلق كذلك أول مشاريع الإسكان بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص على أراض مملوكة لكليهما عن طريق برامج مناسبة للمملكة، وتحقق رؤية المملكة 2030. لكن الحقيل إلى جانب تخصصه المالي والعقاري، كشف مرات عدة عن أن عدداً من مهاجمي مشاريع وزارته يأتون من وراء حسابات، تتخذ من بلاد أجنبية مظلة لها، وهو بذلك يلمح إلى أولئك الذين يتخذون الإسكان ذريعة لشيطنة توجهات الدولة الرامية إلى الإصلاح التنموي والاقتصادي، ومعظمهم ينتمون إلى تيارات يسارية أو حزبية، وليس نقدهم من جنس نقد مواطنين عاديين يبحثون عن السكن وسبل تيسيره، ولا تثريب عليهم في ذلك. إما إذا استطاعت "الإسكان" ترجمة تعهدات الرؤية بالتزام تسليم دفعات سكنية سخية كل فترة، ثم زاد على ذلك أن يقضي على ظاهرة "الأرض لا تاكل ولا تشرب" لصالح مواطنين لا يملكون سكناً في نهاية المطاف، وتوظيف الآلاف عبر الدفع بتنمية تلك الأراضي الخام، فإن كثيراً من مواطنيه، سيردون له التحية بأحسن منها، وإن أغضب ذلك شرائح لا يهمها غير التهريج والتثبيط. وكانت تقارير إحصائية كشفت عن أثر مشاريع الإسكان في الصناعات المحلية، مؤكدة أن إنشاء منزل واحد على سبيل المثال يؤثر في أكثر من 120 صناعة محلية، كما أن استثمار ريال واحد في القطاع يعود ب4.7 ريالات على الاقتصاد المحلي عادة، كما أن لتلك المشاريع دوراً كبيراً في توليد الوظائف.