جرت العاده في الكتابه عن المشاهير أن يتناول الكاتب مجال الشخص المعني وتميزه ومنهم فقيدنا الأستاذ تركي السديري الذي يعرفه الجميع كصحفي قضى جل حياته بين أروقة صاحبة الجلالة وله باع طويل بين أحبارها وورقها في جريدة الرياض بدءاً من محرر رياضي وانتهاءً برئيس تحرير هذه الجريدة التي بدأت معه متواضعة ومازالت ترتقي سنام العز والرفعة لتصبح في وقته من أكبر الصحف العربية وأكثرها دخلا ومازالت حتى وقتنا الحاضر مروراً برؤساء التحرير من بعده الأستاذ سليمان العصيمي والأستاذ فهد العبدالكريم الذي تسلم رئاسة التحرير في وقت سيطرة الإعلام الجديد وبرغم ذلك مازالت هذه الصحيفة من أهم الصحف محلياً وعربياً. لن أتحدث عن تركي السديري من الناحية المهنية فالجميع يعلم من هو رائد الصحافة السعودية وماذا قدم ويكفي شهادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- عندما أطلق عليه لقب (ملك الصحافة). من الناحية الإدارية عملت مع الأستاذ تركي لأكثر من عشرين عاماً حيث دخلت الصحافة في سن مبكرة وأتذكر أني ذهبت إليه بدون واسطة وعرضت عليه الالتحاق بالجريدة وليس لدي سوى خبرة سنة واحدة في صحيفة المسائية فنظر إلي وكأنه يعرفني -نظرات تكفيك لبذل الجهد والاجتهاد- وقال: موافق وستعمل حسب ما تقدم من جهد وتميز في مواضيعك الصحفية وانطلقت بعدها في هذه الجريدة بمكافأة عالية بمقاييس تلك الفترة، وكانت تلك سياسة الفقيد في شحذ الهمم واستثمار طاقات الشباب مع التوجيه والنصح لهم وكان دائماً يفتخر بأن صحيفة الرياض هي الصحيفة المحلية الأولى في السعودية وتعيين وتدريب الشباب السعودي والصحفيات السعوديات، أيضاً يعلم الجميع سياسته الرائعة في موضوع الإعلانات وإعطاء نسبة خصم جيدة لمن يرغب في خوض هذا المجال الذي در دخلاً جيداً للكثير من الصحفيين لدرجة أن الكثير منهم استغنى عن عمله واكتفى بالعمل في الإعلانات مما حقق للجريدة سوقاً إعلانية لم تحققها أي صحفية من قبل. من الناحية الإنسانية فتح أبو عبدالله صفحات الجريدة على مصراعيها للحالات الإنسانية المحتاجة وأيد النشر لمثل هذه المواضيع في سابقة للجريدة حققت قفزة مهمة في إعداد التوزيع وساهمت بفضل الله في تخفيف وحل الكثير من المشاكل المادية التي عانى منها أصحاب الحاجات. أيضاً تم الحديث عن بيوت الله وما يحتاج منها للبناء أو الترميم وبفضل الله ثم هذه الصحيفة تم بناء وترميم وتجهيز العشرات من المساجد في كافة مناطق المملكة وأتذكر أني كتبت عن أكثر من مسجد وتم ترميمها وإعادة بنائها وهاهي تصدح بالأذان حتى وقتنا الحاضر. لم يعرف عن تركي السديري أنه قام بفصل أحد من الموظفين إلا في أضيق الحدود ولو فعل ذلك يكفي زيارة لمكتبه ليعدل عن القرار. رحم الله الفقيد وعزائي لحرمه وأبنائه وبناته.