ماذا تكتب الابنة الصغرى للأب الصديق القريب الحبيب ماذا عساها أن تقول في أبيها ورفيقها ومأمن أسراره. حين كنت تقول مداعباً: إذا توفاني الله لا تبكين يا بنتي أردد قائلة: بعد عمر طويل، عسى يومي قبل يومك، وأبدل محور الحديث قاصدة. المكالمة الأخيرة معك صداها في أُذناي حين كنت تقول: "أنتي بكفة و الناس بكفة" لم يكن والدي أباً فقط، كان الصديق القريب لا حدود لحديثي معه، الأب الذي صقل شخصية ابنته وظل يفتخر بها بالمجالس وأمام الرجال الابنة التي ترجو أن تكون كما يأمل، سأظل تلك التي تفخر بك وب اسمك الذي لوحده يشعرها بعزّه وفخره، سأكون ما تريد وكل الأمنيات التي تحدثنا بها أياماً ستتحقق بإذن الله وسيصلك نفعهاً، سأكون بارّة بصديقك الأخ الملازم لك دائماً "أبو علي"، أراك بكل الوجوه التي تحبك وتحبها، لن ولم تغب عن بالي لحظات، كل الأحاديث والأسرار التي همسنا بها ذات مساء ستبقى في أعماقي وأحدث بها الله وأحدثك عنها. المصاب وقع على قلبي جلل! والأمر ليست بهيّن عزائي للوفاء، عزائي للإحسان، عزائي للقلب الرحيم العطوف، عزائي للأيام الجميلة معك، عزائي لرفقتك وقربك، عزائي لقلبي وقلب أمي وإخوتي. مؤمنة إنا لله وإنا إليه راجعون مؤمنة أنك تحت كنف الرحمن الرحيم مؤمنة بأقدار الله واختياره مؤمنة بلطفه بك وبنا مؤمنة أنك بنعيم أبدي بإذن الله مؤمنة بالله الذي طالما تحدثت عن لطفه وأنت تروي لي لحظات وفاة أخيك وشقيقك صالح في أراضي بيروت وعزائي لك يا حبيبي ولعمي الذي أسأل الله أن تكونوا في نعيم مقيم إلى يوم يبعثون، حديثه صلى الله عليه وسلم "إن الرجل إذا مات بغير مولده قيس بين مولده إلى منقطع أثره في الجنة" لم تنقطع القصص التي نسمعها منذ وفاتك عن إحسانك وبرِك ولطفك مع الكبير والصغير، محبتك التي تمكنت بقلوب من حولنا والبعيدين الذين قطعوا مسافات ليصلون للصلاة والعزاء. يحدثونني عن الجمع الغفير الذي حضر الصلاة وتشييع الجثمان، ويشهد شارع بيتنا الذي رغم سعته ضاق بالمعزين. أسأل الله أن يكونوا شهود الله في أرضه، وأسأله سبحانه أن لا يفتنا بعدك ولا يحرمنا أجرك وأن يقبضنا لا خزايا ولا مفتونين وأن يجمعنا بك وأحبابنا في فردوسه الأعلى وأن ينزل علينا صبراً وجبراً والمسلمين أجمعين. طبت حياً وميتاً يا والدي، وملتقانا الجنّة.