في قضية فريدة من نوعها تحدث في اللجان شبه القضائية بالمملكة؛ فتحت الهيئة الابتدائية في مكةالمكرمة ملف قضية عمالية للمرة الثانية، على رغم صدور حكم نهائي واجب النفاذ، وقدم إلى محكمة التنفيذ بمكةالمكرمة، وتم تنفيذ الحكم بتسليم "المدعي" العامل مستحقاته وفقاً للحكم النهائي. وعلمت "الرياض" أن الطرف المتضرر في القضية طالب بإحالة ملف القضية لهيئة التحقيق والادعاء العام وفقاً للنظام بسبب أن الدعوى كيدية، مطالباً في الوقت نفسه بمعاقبة "العامل" المدعي، وإلزامه بالتعويض في القضية. وفي تفاصيل القضية - حصلت "الرياض" على وثائقها - فإن مجريات القضية بدأت عندما تقدم عامل من جنسية آسيوية إلى الهيئة الابتدائية بمكةالمكرمة يطالب فيها بكامل حقوقه من مكافأة نهاية الخدمة، وصرف مستحقاته النظامية، حيث عقدت الهيئة عدة جلسات، وأصدرت قرارها الابتدائي في القضية بإلزام المدعى عليها بدفع المبالغ المستحقة، إضافة إلى شهادة خبرة للعامل طوال فترة عمله بالشركة. وتم تقديم اعتراض على القرار من أطراف القضية، ورفعت إلى الهيئة العليا بحكم اختصاصها للنظر في طلبات الاستئناف المقدمة من طرفي القضية، وبعد عدة جلسات تم إصدار القرار، والذي تضمن إلغاء إحدى الفقرات من الحكم، وتأييد الفقرتين الأخرى الخاصة بتسليم العامل مستحقاته، وعمل خروج نهائي للعامل مع التكفل بتذاكر السفر، وشهادة الخبرة، وبذلك أصبح الحكم نهائي، وواجب النفاذ. بعد خمسة أشهر من صدور القرار، واستلام نسخة منه من طرفي الدعوى تقدم العامل بطلب تنفيذ الحكم أمام محكمة التنفيذ بمكةالمكرمة، وبعد تبليغ الطرف المنفذ ضده بالطلب، حيث تم إحضار جميع الطلبات التي تخص العامل، والتي صدر بها قرار تنفيذي بحسب ما نصت عليه المادة ال 34 من نظام التنفيذ في المملكة، وتم تنفيذ الحكم من خلال تسليم العامل لحقوقه، وتهميش قاضي التنفيذ على القرار الصادر، وبذلك تنتهي فصول القضية التي استمرت لأشهر. إلا أن المفاجأة جاءت بعد خمسة أشهر أخرى، حيث تقدم العامل مرة أخرى بدعوى للمرة الثانية يطالب فيها بنفس الطلبات التي تم تنفيذها بقرار قضائي، وتم قبول الدعوى، وعقدت الهيئة الجلسة، ولم يتم تبليغ "المدعى عليه" الشركة بموعد الجلسة، وتفاجأت باتصال من قسم تسليم القرارات، بأن هناك قرار صادر، والشركة بصفتها أحد أطراف الدعوى فيجب استلامه من قبل الشركة. وبحسب التفاصيل، فإن المفاجأة الثانية جاءت عند استلام قرار التبليغ، وهي أن الدعوى نفس الدعوى السابقة التي صدر بها قرار، وانتهى بتنفيذه سابقاً، وحكمت الهيئة للمرة الثانية برد دعوى المدعي، وذلك استنادا إلى المادة 222 من نظام العمل، والتي تنص على أن المدة النظامية لمطالبة العامل بحقوقه هي 12 شهراً من تاريخ انتهاء العلاقة التعاقدية بين الطرفين، ومنحت الهيئة الابتدائية أطراف الدعوى مهلة 30 يوماً من استلام الحكم للاعتراض، لاسيما وأن الأحكام الابتدائية قابلة للاستئناف بعد استلام القرار، وقبل انتهاء المدة الممنوحة نظاماً. وجرى تقديم الاعتراض على القرار الابتدائي الصادر بخصوص الدعوى الثانية من قبل "المدعي" العامل، وتم رفعه إلى الهيئة العليا للنظر فيها حيث قدم "المدعي عليه" الشركة مستندات تثبت أن القضية صدر فيها حكم نهائي، وأن الدعوى كيدية، وذلك لصدور قرار نهائي تم تنفيذه من قبل قضاء التنفيذ، وتم تحديد جلسة أخرى. وعلق المحامي والمستشار القانوني فهد محبوب على القضية بقوله: "إنه كان من المفترض على الهيئة عدم قبول الدعوى، وذلك لأنها نظرت، وصدر فيها قرار تم تنفيذه، وهذه تعتبر من الدعوى الكيدية التي يقوم بها بعض المدعين من أجل تشويه سمعة خصمه، ويكبده تكاليفا مادية من خلال الاستعانة بمحامين للترافع". وقال: إنه من المفترض أن تكون الهيئات العمالية مرتبطة بنظام يحفظ حقوق المتخاصمين بعدم قبول أي دعاوى صدرت فيها قرارات نهائية من خلال التأكد من هوية المدعي بحسب ما هو معمول به في جميع المحاكم القضائية بالمملكة، مشيرا إلى أن للطرف المتضرر المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به.