يكثر الحديث عن البطالة والتوطين منذ سنوات طويلة ورغم الجهود والبرامج لاحتواء معدل البطالة ورفع معدل التوطين إلا أنها بقيت ضمادات مؤقتة لا تلبث أن تتلاشى، واعتبار التوطين مشروع عمل وليس حقاً يحفظ. باعتقادي أن السبب الرئيس في فشل السيطرة على البطالة يكمن في أساسيات بناء سوق العمل التي تحتاج لتعديل جذري، فالسوق بالوضع الحالي يوفر المزيّة الاقتصادية لغير السعوديين باعتبار صاحب العمل يبحث عن الربح والاستمرارية بعيداً عن العاطفة، وألخص هذه المزايا في ثلاث نقاط كالتالي: * نظام الكفالة، بصيغته الحالية والتي تمنح لصاحب العمل الحق في ربط العامل غير السعودي والسيطرة عليه مما يجعل العامل يخضع لصاحب العمل بشكل مطلق للحفاظ على رزقه، وهذا غير ممكن للعامل السعودي الذي يملك حرية انتقاله ضمن فترة الإنذار القانونية. ومن هنا لا أحد يستطيع الجزم بأن العامل السعودي غير مستقر بخلاف غير السعودي لتفاوت الحرية التي تعتبر ميزة لغير السعودي بنظر صاحب العمل. * الحد الأدنى لأجور السعوديين، وإطلاق أجور غير السعوديين للسوق، مما يجعل التكلفة للسعودي مقارنة بنظيره غير السعودي "بافتراض تساويهم في التأهيل" أعلى بنسب عالية قد تصل ل 40%، مع أنه واقعاً يمكن أن نجد غير سعودي أكثر تأهيلاً وخبرة وأقل تكلفة بمقارنة الحد الأدنى للأجور. * نسبة اشتراك المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والتي تلزم صاحب العمل بدفع 12% من أجر السعودي الأساسي مجموعاً ببدل السكن في حين تلزمه دفع 2% من أجر غير السعودي بفارق 10% كنسبة مئوية، قد ترتفع كتكلفة في حال أن أجر السعودي أعلى بارتباطه للحد الأدنى للأجور. من جانب آخر، لا أعتقد أنه من المجدي وجود فصل لسوق العمل باعتباره خاص وعام ضمن اقتصاد واحد يضم قوى عاملة واحدة ومصب واحد للموارد البشرية تحت مظلة وزارتين لا تلتقيان، وباعتقادي وجود وزارة للقوى العاملة والتنمية البشرية تضم وكالتين للقطاع العام والخاص تحت قيادة ومرجعية وإستراتيجية واحدة سيكون أكثر فاعلية لتقليل التنافس غير الصحي بين العام والخاص. وأخيراً، مصانع القوى العاملة أو مؤسسات التعليم والتدريب، والتي لا زالت تخرج أعداد هائلة بتخصصات نظرية غير مطلوبة أو غير قادرة على المنافسة في كثير من الأحيان، وبالنسبة لي لن أجزم بأننا نسير في الطريق الصحيح علمياً حتى تكون القوى العاملة السعودية مطلوبة في الأسواق العالمية. خاتمة: صرح رئيس منظمة العمل الدولية في عام 2009 بأن أصعب مهمة على حكومات العالم خلال العشر سنوات القادمة هي خلق الوظائف.