عندما وافقت أن أقدم محاضرة عامة في كلية لندن للاقتصاد LSE الأسبوع الماضي (22 مارس 2017)، لم يدُر بخلدي أن تتزامن مع العمل الإرهابي الذي قام به خالد مسعود، أحد مسلمي بريطانيا المتحولين للإسلام منذ عدة عقود، بمهاجمة المارة ودهسهم بسيارته ومن ثم طعن أحد رجال الأمن لينجم عن عمله أربعة قتلى وأكثر من خمسين جريحاً ناهيك عن الصدمة النفسية التي تسببها هذا العمل للشارع البريطاني، والذي جرى في محاولة منه لاقتحام مبنى البرلمان التاريخي في ويستمنستر. وهذه المباني الرسمية تعد مواقع سياحية بامتياز في موازنة لبريطانيا بين المحافظة على الأمن وتحقيق انفتاح الدولة على مواطنيها وجعل مقارهم قابلة للوصول إليها بسهولة لحضور جلسات البرلمان أو للزيارات السياحية. وربما كان المثير للجدل في هذا العمل الإرهابي الكشف اليوم عن فترة من حياته. على الرغم من إغلاق منطقة ويستمنستر والقطارات الموصلة إليها وضفة نهر التايمز وعجلة الألفية وعدد كبير من الشوارع والاستنفار الأمني، لكن لحسن الحظ أقيمت المحاضرة في وقتها ولم يتخلف عن المقاعد التي كانت محجوزة بالكامل إلا عدد بسيط، وكانت محاضرة مشتركة بيني وبين الناشطة الكويتية لولوة الصباح، نتحدث خلالها عن كسر الصورة النمطية للمرأة في الخليج، وكان موضوعي بالطبع عن المرأة السعودية بينما تحدثت لولوة عن المادة 351 في القانون الكويتي والذي يُعرف بقانون قتل الشرف، متناولة حملة النساء الكويتيات منذ عدة سنوات لحذف هذا القانون المحرض على قتل النساء دون تثبت وخارج إطار القانون، وإعطاء الرجل أحكاماً مخففة لقتله امرأة من أسرته اشتبه في أي تصرف لها مخل بالشرف من وجهة نظره. وهو حكم يستمد أصوله من القانون البونابرتي الفرنسي الذي تبنته كثير من القوانين العربية وغير العربية الحديثة باعتبار القانون الفرنسي من أوائل القوانين المرتبطة بالدولة الحديثة. وقد كانت المحاضرة ثرية بالحضور الشاب بالدرجة الأولى لاسيما من شاباتنا المبتعثات في مراحل الدراسات العليا بتخصصات مختلفة. وقد تكرر هذا المشهد في محاضرتي التي تلت تلك بيومين في جامعة مانشستر (24 مارس 2017) والتي دعتني إليها إحدى مبتعثاتنا التي تنهي رسالة دكتوراه في اللغويات إيمان المطيري، التي تدير النشاط الطلابي الثقافي ضمن الجامعة فدعتني إليها للتحدث مع شابة سعودية أخرى تمثل جيلاً ينسج لنفسه مساراً قوياً ومختلفاً، تخصصاً ومهارة وحرفيةً وحماساً للعمل المعبر عن الهوية المحلية والمعاصرة، هذه كانت فاطمة البنوي. وللحديث تتمة.