قررت ذات يوم أن ألغي كل من كان يوماً سبباً في حزني أو قلقي أو حتى ذات ليل أرقي.. قررت حينها أن أكون أفضل مما أنا عليه، وأن يقف كل شخص أخذ حيزاً من حياتي عند مستوى معين وضعتة بلون مورد، لا يشوكهم ولا يغضبني، وكلت المواقف أن تضعهم في أماكنهم المفترضة، ونحيت قلبي جانباً، أخذت صلاحيات طيبتي وأوقفت أن تتدخل في قربهم أو بعدهم.. نتفت من قلبي قطعاً لا بأس بها وسددت بها فراغات أحزاني حتى يستقيم حظي.. نجعل من المحزنين أسياداً على حياتنا، ونحن لسنا بحاجة إلى خيبات أكثر، نعطي الذين يأخذون، ونبخل على من يريدوننا متعففين عن الطلب، حدث أن صفعتني الحياة مراراً حتى بات خدي بارداً لا يشعر الألم، حدث أن خُذلت وأن سُلبت فرحتي، حدث أن بكيت حتى نامت أحزاني ونمت، حدث أن اختبئت عن أعين أمي ضاحكة وأنا بداخلي ألف حطاما وحطاما، ماتت صديقتي يوماً فوقعت على الأرض ضاربةً بتفاهات الدنيا عرض التجاهل، ومات عزيزي يوماً فأيقنت أنني سأظل أودع وأودع حتى يحين دوري، وإلى ذلك الحين علي أن أجمع من حُطام أحزاني فرحاً يصعد بي وأياماً أبتسمها عندما أكبر.. عمتي.. تجاعيد الزمن المر قصص الفقد المتتالية دموع لانهاية لها، عزيزة أبي حب الأقربين وكبيرة عائلتي.. عمتي.. الثبات المسن الوجع الذي لا ينقطع ابتلائات الحياة قصم القدر اعوجاج ظهرها، امتحنت في أحب الأشياء إليها أخذ الموت أولادها.. شامخة، دين يعلو وجهها ويعج به قلبها.. عندما تنهال المسببات علينا يجب أن ننظر لتلك الوجوه الصابرة التي سقطت كثيراً وبكت كثيراً ولازالت تتمتم بأن البقاء لله وأن ماعند الله خير وأبقى واللهم إنا لانسألك رد القضاء لكننا نسألك اللطف (بها) حبيبة قلبي مسنة أهلي صابرة مدينتي.. عوض الله تجاعيد قلبك ولطف بحزنك وأسكنك فسيح صبره ولطفه، وقفة تمعن لكل مايجري من تحتنا ومن جانبنا.. علينا أن نعتدل مهما حاولت الأحداث ثنينا، ومهما كانت الأقدار باعتقاد نفوسنا الضعيفة أنها ضدنا إلا أنها أعطف بنا منا لأرواحنا، الحزن ليس خرقاً لقوانين الثبات هو فطرة ونحن خلقنا عليها الحزن ليس عيباً ولا حكراً على أحد لم يسلم منه حتى الأنبياء.. لكن المفترض أن يجلد بنا الضعف وأن يُعيد تكوير ماخاب بنا لينهض به، تعلمت أن أصنع من قرارتي استنتاجاً أتحمل عواقبه وأن أكون ذات حب كافي يمر بي بين أروقة الحياة دون أن يخدشني جدار ضيق أويصيب قدمي حجراً..!! الصبر إنجاز من استطاعه فقد عتق من فوهة الإحباط وكل من عليها قد ذاق هماً وذرف دمعاً وشكى وجعاً فالحمد حصان أمتطية ليخرج بك من تضاريس الجزع..!!