كلما أردت أن أنكفئ على خيبة اليأس والخذلان من جيل فارق الكتاب كأداة معرفية، وانتقل لسهولة ثقافة الصورة، تلقفتني بادرة شبابية مورقة تكتنز البراعم وتبرق بالوعود. الشهر الماضي فقط صادفني عدد من المبادرات الشبابية المحتفية بفعل القراءة عموما وتداول الكتاب خاصة، عبر مناسبتين ثقافيتين، الأولى معرض الكتاب، والثانية مهرجان القراءة الذي نظمته جامعة دار العلوم. المبادرات تستحق أن نحتفي بها ولن أقول نتبناها أو ندرجها تحت سقف، بل نسلمها لحماس مؤسسيها وأفكارهم الخلاقة التي لاتنضب، منزهة عن الروتين المؤسساتي. أزهرت جميعها داخل الفضاء الافتراضي، وجدت فوق ممراته الميسرة المشرعة، وسهوله الرحبة مجالا للركض والصهيل مثل:- * نادي أصدقاء القراءة:- تحت شعار الريادة في نشر الثقافة وتنمية الشباب، لديهم نشرة أسبوعية تتراوح مابين الثقافي والإخباري وتوزع على نطاق واسع، وقوائم للكتب المرشحة، مع روح نشطة ومحفزة. * وبمبادرة باقة من الفتيات انعتقن من الصورة النمطية التي لا تنتظر إبداعاً نسوياً عدا ذلك الذي يخرج من بوابة المطبخ، أسست سبع فتيات (ديوانية دكة) ليقدمن استشارات في الكتب بطريقة مستحدثة تندرج تحت معايير (العمر، الميول، الاتجاهات). * نادي كتابي، وهو ناد ثقافي يقدم إنشطة متنوعة مابين الأمسيات الثقافية، ونقاشات الكتب، والدورات التدريبية الخاصة بالقراءة والكتابة، والعديد من القضايا الثقافية المهمة. * فريق التزام، وهو فريق شبابي يهدف لجعل القراءة اليومية عادة متميزة لدى أفراد المجتمع، عبر عدد من البرامج مثل/ شغف المعرفة، برنامج مكنون، رواد السطور. -نادي الكتاب الطائر وهو ناد ثقافي أدبي شعارهم (كي لا تبقى المعرفة حبيسة الأرفف) هذا السرب المتميز فوق منصة إنماء، يقوم بزرع شعاره على الكتاب، ويصبح هذا الكتاب قابلا للطيران والتحليق بين الأيدي ناشرا معارفه في الآفاق. -تطبيق يمام وهو تطبيق يحوي منصة تفاعلية للقراءة الجماعية، حيث مجموعات القراءة، ونوادي القراءة الافتراضية. * كتبجي: وهي منصة قرائية، قناة يوتيوب، لقاءات وورش عمل. * نادي اقرأ وفكر للكتاب، وهو نادٍ يسعى لتهيئة بيئة محفزة على القراءة والمساهمة في بناء مجتمع معرفي عبر نشر ثقافة القراءة، وإثراء المحتوى العربي. وهنا لابد من الإشادة بمبادرات كل من شركة أرامكوا حول مهرجان القراءة، و مؤسسة مسك التي احتضنت الكثير من الأفكار المبدعة الخلاقة في نفس المجال. هل أدهشكم هذا الثراء والوعي كما أدهشني؟ هناك المزيد من هذا السيل الأبجدي المختزل للبشارات والذي لم تسمح مساحة المقال للإشارة له، والذي يكتسح في طريقه جميع السدود والموانع التي رفعت في وجه الكتب لسنوات طويلة. المفارقة من هذه المبادرات الشبابية الذكية لايوجد مبادرة واحدة خرجت من وزارة التعليم!؟ بل كانت غالبية الزيارات المدرسية القادمة لمعرض الكتاب من مدارس خاصة، ويبدو إن وزارة التعليم إما مشغولة بمشروع فطن الذي يتعامل مع العقول الشبابية بوصاية واستغباء، أو لربما وزارة التعليم تأخذ قيلولتها الطويلة بعيدا عن كل هذا (نوم العوافي إن شاء الله).