الكل منا اليوم متأثر بما يراه من مشاهد تدمي القلب وتحزنه، حول الجور في صيد البر والبحر على حدٍ سواء حتى شارفت بعض الأحياء على الانقراض، ولولا متابعة الجهات المختصة، وكذلك عرض المشاهد المؤلمة التي تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي لم نقدر حجم المشكلة، وظنناه من الأمور الطبيعية جراء التغيرات المناخية أو التلوث، ولكن الحقيقة تتركز في الصيد الجائر والإصرار عليه حيث يصل إلى حد التدمير، أكثر مما يصيب الحياة الفطرية من غيره من تلوث مياه أو غيره. منولٍ والصيد في كل الأقطار واليوم شح ولا مع اليد حيله لقد خلق الله ما في الأرض جميعا للإنسان، فينميه ويحميه ويرعى تكاثره ويبعد عنه ما يضره، وذلك من أجل مستقبله ومستقبل الأجيال القادمة. إن بيئتنا صحراوية قليلة الموارد كثيرة المخاطر وقليلة الحياة الحيوانية الفطرية جراء قلة النباتات والغطاء الأخضر وإن كانت قديما تبدو ثرواتها أكثر وصيدها أوفر وأكثر مما هو عليه الآن لكن تبقى المحصلة النهائية الباقية من تلك الحياة الفطرية ثروة لا يفرط فيها، وقد تكيف معها أجدادنا ووازنوا حياتهم وتعاملهم ما حولهم من تلك الموارد، فعندما اضطروا إلى الصيد كان الهدف سد حاجتهم، فاستخدموا وسائل بسيطة تحقق هدفهم ولا تؤدي إلى انقراض شيء منه، ومن تلك الوسائل: الصقور، وكلاب الصيد السلق، والفخاخ والحبائل أو الحفر المخفية (الغبية) يقع فيها بعض الأرانب.. الخ. وبعض الصيد يأتي غالبه بالمطاردة وحفر جحور بعضها كالضب والجربوع أو أخذها من أعشاشها كالحمام والعصافير واللحاق بمصابها والجريح، والرمي بالملواح والعصا، وهي وسائل لا تصيد سوى واحد منها فقط. لا تفني المجموعات ولا تقتل العدد الكثير. وهذه الطرق والوسائل تتوافق مع التعويض المستمر الناتج عن تكاثر الصيد الطبيعي، وقد بقيت الجزيرة العربية مئات السنين والصيد في أرجائها وقد وثقت القصائد مشهد الصيد وقصص القناصة الذين كل هدفهم أخذ حاجتهم دون تعدٍ أو جور. وكان أحدهم إذا صاد ما يكفيه ويسد جوعه توقف عن متابعة البقية فليس الهدف عنده ممارسة هواية وعبث ولهو، وإنما ممارسة الصيد لضرورة، ولو لم يجد صيدا مات جوعاً. وليست أساليب الصيد القديمة ووسائله البسيطة التي يقوم بها أجدادنا والجيل السابق كوسائل الصيد اليوم كالبنادق أو الوسائل الحديثة التي نشاهد آثارها المحزنة عندما يستعرض بعضهم عبثه بالصيد لهوا وافتخارا بقتل العدد الكثير رغم عدم حاجته لأي منها، فاليوم يتوفر الغذاء ولله الحمد ميسرا فلم العبث؟! ولا يتعرضون في السابق لمطاردة سباع في البر أو القتل لها لمجرد القتل والتدمير ما لم يلحقهم منها أذى في مزارعهم أو أغنامهم. ونختم بقصيدة توجز لنا وتختصر ما عليه الصيد من جور وما يصيبه من تناقص جراء استعراض بعض العابثين وجرأتهم وتنافسهم بكثرة ما يصيدون منه لا بأخذ حاجتهم، حتى صارت بعض المشاهد مؤلمة واختفت الأرانب والعديد من الحيوانات. القصيدة للشاعر إبراهيم بن محمد العجيمي يقول فيها: وين أنت يا القناص عن بعض الأخبار اسمع كلام قايله مع دليله الصيد ولع وذوق لا تكثر اعذار ياللي تظن الصيد بأكبر حصيله منولٍ والصيد في كل الأقطار واليوم شح و لا مع اليد حيله وين أم أذان اللي تذرّت بالأشجار في دِحلها ماهيب فوق النِّثيله وين المها والريم ياطيب الكار أَشفق على شوف البِدن والجميله والضب جوه قنوص يمين ويسار ولاعاد به ضبٍ قريبٍ نجي له تلقى طيور مهاجرة تقطع ديار بِديارنا حلّت ولكن قليله نبي نمد الشوف ونصاحب خيار لفياض نجد اللي سقتها المخيله نخايل بروق الحيا لين الأسحار نسمر بها دام النِّسايم عليله ياخالق الجنه وياخالق النار يالله طلبتك والمطالب جليله إنك تسوق الخير مدرار مدرار طول السنه وإلا يساوق مسيله اجتماع المتعة والصيد المقنن