"الكتاب.. رؤية وتحول"، بهذا الشعار الذكي الذي يُجسد الرؤية الوطنية الطموحة 2030، تُقام فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، بعد مسيرة حافلة امتدت لعقد من الزمان. ويُعتبر هذا المعرض الوطني المتجدد، علامة بارزة في المشهد الثقافي السعودي، بل والعربي، وذلك بما كسبه من قيمة ومكانة وتقدير وشهرة، أهّلته لتصدّر قائمة أهم المعارض العربية للكتاب. وتُعد هذه التظاهرة الثقافية الأبرز في روزنامة المشهد الوطني، حلقة متصلة في مشروع التحول الوطني الكبير الذي تُعقد عليه الآمال والطموحات والتطلعات لإحداث نقلة نوعية يستحقها هذا الوطن الذي يعشق الإنجاز. والكتاب، بما يمثله من قيمة/ رمزية حضارية وتنموية وتنويرية، أصبح الآن قوة ناعمة كبرى تدر المليارات وتوفر آلاف الفرص والاستحقاقات، إضافة لقدرتها الفائقة على إبراز الوجه المشرق لهذا الوطن الرائع الذي يتكئ على إرث حضاري عريق، ويمتلك عمقاً ثقافياً واسعاً. ورغم كل ما يملكه وطننا العظيم من مصادر الفخر والفرح والإلهام، إلا أن هناك من يُشاهدنا من زوايا ضيقة ويختزلنا في بعض التفاصيل النمطية، ويُمثل هذا الكرنفال الثقافي الرائع فرصة سانحة لتغيير هذه النظرة السلبية تجاهنا، فالحضور القوي للكتاب في مشهدنا الوطني وهو أيقونة العلم والمعرفة والحضارة، سيُؤكد بلا شك رغبتنا وقدرتنا وتطلعنا للمساهمة في تطور البشرية. وهذا المعرض المميز، ليس مجرد سوق لعرض وترويج وبيع الكتاب، ولكنه تظاهرة ثقافية وطنية ملهمة تضم الكثير من الفعاليات والبرامج والمبادرات والندوات والجوائز. فعلى مدى عشرة أيام، يُمارس الكتاب باعتباره "صانع الحضارة" التحريض على القراءة والتطلع والتحدي والتمرد والإبداع، خاصة وهو يُمثل جسراً للتواصل الحضاري والثقافي بين الأمم والشعوب والمجتمعات. الزائر لهذا المعرض الرائع، سيُشاهد بفرح وإعجاب وذهول، تلك الأروقة والممرات والأرفف التي تزدحم بمئات الآلاف من العناوين والموضوعات والأفكار التي كُتبت خلال قرون طويلة، وضع فيها الإنسان/ المؤلف كل تجربته ووعيه وتمرده وجرأته لأنه آمن بالكتاب كبوصلة حقيقية تُشير إلى التحضر والتمدن والتحرر. عقد كامل من المتعة والبهجة والفائدة، منحها الكتاب لكل عشاق القصيدة والحكاية والثقافة والفكر والمسرح والفن والجمال والتراث والتاريخ والعلوم وكل المضامين الكثيرة التي يُبشر بها الكتاب. معرض الرياض الدولي للكتاب، أحد أهم الإنجازات الوطنية التي نفخر بها، ونحن مطالبون جميعاً بالمحافظة على بريقه وتوهجه وتطوره، والتصدي لكل من يُريد بقصد أو بدون قصد تشويه هذا المنجز الوطني الرائع، وخاصة أولئك "المحتسبين" المتحمسين الذي يقومون ببعض الممارسات والتعديات غير المسؤولة التي قد تُسيء لاسم وطننا العزيز، فقد يتسبب متهور واحد فقط في تشويه وطن بأكمله. معرض الرياض الدولي للكتاب، صورتنا المشرقة التي تستحق أن نُعلقها على أستار الفرح وصدور البهجة وواجهات الألق، وأن نقف جميعاً ضد كل من يُريد أن يُعيدنا إلى عهود الجهل والظلام والتخلف.