كثيرة هي المهرجانات والملتقيات والفعاليات الوطنية التي تنتشر على امتداد الوطن، فهي أشبه بروافع/ روافد حضارية تُسهم في تنمية المجتمع السعودي على كافة الصعد والمستويات. مهرجانات ثقافية وفكرية واجتماعية واقتصادية وسياحية وتراثية وترفيهية تستهدف مجتمعاً تواقاً للفرح ومتعطشاً للبهجة، يبحث عنها في كل مكان ويبذل من أجلها كل شيء، ولكنه بلا شك يُفضلها في وطنه الرائع الذي يتمتع بكل مقومات وإمكانات وفرص النجاح، وذلك بما حباه الله من خيرات وتنوع وتميز في الكثير من المجالات والقطاعات والمناخات. المجتمع السعودي بمختلف أفراده وشرائحه لا يطلب المستحيل، ولكنه يبحث عن مساحات وفضاءات من المتعة والبهجة والسعادة، تتناسب مع تجربته الكبيرة في عالم السياحة والترفيه والسفر. الفعاليات والبرامج والمناشط الثقافية والاجتماعية والسياحية والترفيهية تزدحم في روزنامة الفرح الوطنية، خاصة في فترة الإجازات والمناسبات، ويستطيع الراصد عن قرب أن يُلاحظ مدى التطور والنجاح والتميز الذي تحقق في هذا القطاع الحيوي المهم، تماماً كما توجد الكثير من السلبيات والعقبات والتحديات، وتلك هي "الصورة الكاملة" التي يجب أن تُلتقط. كثيرة هي الملاحظات الإيجابية والسلبية في قطاع كبير كقطاع الترفيه الذي يغص بالمهرجانات والفعاليات، ولكن ثمة قضية مهمة تستحق الاهتمام والإلحاح، وهي "تمكين الشباب" لصنع مهرجانات وطنية تشبههم وتتناسب مع طموحاتهم وتطلعاتهم وتُعيد لهم الثقة بتفرّد وطنهم، فهم الشريحة المستهدفة الأهم، فضلاً عن نسبتهم الكبرى في تعداد الوطن. في مدينة سيهات، ثغر الساحل الشرقي الباسم وأيقونته الملهمة، وتحديداً على شارع الخليج الذي مازال يُردد مواويل العشق وأغنيات النهام، تُصافحك خيمة فرح وتستقبلك رقصة الهولو، فتُستدرج بكل حب وألق إلى "مهرجان الوفاء" في سيهات. ويُجسّد مهرجان الوفاء في نسخته التاسعة نبوغ وتطلع وحماس الساحل الشرقي، ويُمثل أحد أهم التظاهرات الثقافية والعلمية والصحية والفنية والترفيهية التي تُقام في المنطقة الشرقية، بل وفي كل الوطن. الكثير من الفعاليات والبرامج والعروض التي تتنافس من أجل كسب أعجاب الآلاف من الزوار يومياً، والكثير من الأهداف الرائعة التي تتحقق على أرض المهرجان، والكثير من الحكايات المدهشة التي تُنسج خلال فترة المهرجان التي تُقارب الشهر، ولكن الصفحة المشرقة التي تستحق أن تُكتب بحبر الفرح، هي الرغبة الواضحة لتمكين الشباب من صنع هذا المهرجان الرائع. كل الأركان واللجان والمسؤوليات تضج بروح وحماس وطموح الشباب، فهو باختصار "مهرجان شاب" يجذب كل الأعمار والأطياف. منظمون وإعلاميون ومصورون ومتحدثون في عمر الزهور، يجوبون ساحات المهرجان بكل أناقة وحماس وفرح، يستقبلون الزوار ويجرون المقابلات ويلتقطون الصور ويُعرّفون بالأركان ويوزعون الهدايا والضحكات. لقد أدرك المنظمون لهذا المهرجان الجميل بأن الشباب هم "سر النجاح"، فمكنوهم من صنع مهرجانهم بأنفسهم، فتحول المهرجان إلى خلايا نحل تنتج المتعة والبهجة والدهشة. ذات لقاء جمعني بالأمير الإنسان سلطان بن سلمان عرّاب السياحة الوطنية، وكان يُردد كثيراً هذه الأمنية: "ليتنا نمكن الشباب من صنع مهرجاناتنا الوطنية". سمو الأمير، مهرجان الوفاء بسيهات، حقق الكثير من تلك الأمنية الرائعة، وأنت مدعو لتشاهد ذلك على أرض المهرجان.