كثيرة هي المواقف والمشاهدات التي تستحق أن تسجل وتوثق عن جولة الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - الآسيوية والتي بدأت بزيارة ماليزيا ثم إندونيسيا وسلطنة بروناي وستمتد بإذن الله لتشمل اليابان والصين وجزر المالديف. كل واحدة من الدول التي زارها الملك سلمان تستحق الكتابة عنها باستفاضة، لكنني سأستعرض هنا بعض المشاهد اللافتة في هذه الجولة الملكية التاريخية. وأول هذه المشاهد تلك الحفاوة البالغة التي استقبل بها خادم الحرمين الشريفين في كل من ماليزيا وإندونيسيا وسلطنة بروناي. وهي حفاوة لم تقتصر على المستويات الرسمية من استقبالات على أعلى مستويات البروتوكول، وإنما امتدت إلى المستويات الشعبية.. ففي كل من كوالالمبوروجاكرتا ودار السلام رسمت الجماهير لوحات استقبال رائعة واصطف المواطنون على طول مسارات موكب الملك سلمان يلوحون بالأعلام وصور خادم الحرمين الشريفين ولافتات الترحيب.. هذا البعد الشعبي تجسد أيضاً في برامج وفعاليات الزيارة التي تضمنت لقاءات للملك سلمان مع النخب السياسية والفكرية والأكاديمية، ففي كوالالمبور شرف - حفظه الله - حفل جامعة مالايا وتسلم الدكتوراه الفخرية في الآداب، كما شرف - أيده الله - حفل الجامعة الإسلامية العالمية التي منحته الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية «خدمة الإسلام والوسطية» وجائزة الإنجاز الفريد المتميز في خدمة الإسلام والأمة. وفي العاصمة الإندونيسية جاكرتا كان برنامج الملك سلمان حافلاً باللقاءات مع أعضاء مجلس النواب والعلماء والدعاة والشخصيات البارزة وكان لافتاً لقاءه - رعاه الله - مع ممثلي الديانات كرسالة قوية عن مبادئ التسامح والتعايش والحوار بين الأديان والثقافات والتي تمسكت بها المملكة ودعمتها كإحدى آليات المحافظة على الأمن والسلم الدوليين ونبذ الغلو والتطرف والإرهاب. وكان لافتاً في هذه الجولة الملكية المباركة الترحيب الإعلامي الكبير بزيارة خادم الحرمين الشريفين والأصداء الإيجابية للجولة في وسائل الإعلام المختلفة. ويمكن القول إن زيارات الملك سلمان لكل من ماليزيا وإندونيسيا وسلطنة بروناي كانت بكل المقاييس منظومة من الرسائل الإعلامية الإيجابية عن المملكة ودورها الاقليمي والدولي ومواقفها من التحديات الماثلة. وبفضل دبلوماسية الملك سلمان ورؤيته المستنيرة التي عبّر عنها ضمن كلماته في المناسبات المتعددة التي حضرها، فإن التوجهات والمبادئ والسياسات التي تتبناها المملكة لقيت أصداء وتفهماً كبيرين على مستويات الرأي العام في الدول التي زارها. ثم يأتي بعد آخر في هذه الجولة وهو ما أسفرت عنه من اتفاقيات ومذكرات تفاهم للتعاون الاقتصادي والتجاري والأمني والعلمي، فقد وجدت رؤية المملكة «2030» اهتماماً كبيراً في الأوساط الاقتصادية ومن جانب رجال الأعمال ورؤساء شركات والمستثمرين والمؤسسات الاقتصادية والمالية، وهناك ترحيب واضح بالفرص الاستثمارية التي تتيحها برامج الرؤية «2030م» كما أن هناك استعداداً واضحاً ورغبة لدى الدول الآسيوية لتعزيز شراكاتها مع المملكة وزيادة استثماراتها في قطاعات الاقتصاد السعودي. جولة خادم الحرمين الشريفين الآسيوية تمثل حراكاً نشطاً وفاعلاً ومؤثراً سيجني وطننا الغالي ثمرتها في حاضره ومستقبله شراكات نافعة بناءة وصداقات راسخة مع دول مهمة سياسياً واقتصادياً تشهد علاقاتنا ومصالحنا معها تطوراً كبيراً ومازالت تعد بالكثير..