البترول، والغاز، والفحم هذه المصادر الثلاثة تسمى الوقود الأحفوري وهي تمد العالم – إذا أضفنا إليها استهلاك الطاقة النووية – تقريبا بجميع (أكثر من 90 %) من إجمالي استهلاك العالم للطاقة. أما مصادر الطاقة المتجددة بجميع أنواعها (الرياح، الشمسية، المائية، الحرارة الأرضية) فإن مجموعها لا يتجاوز 10% فقط لكنها هي الأمل لتلبية حاجة العالم للطاقة بعد استنزاف المصادر الأحفورية. الوقود الأحفوري (البترول، والغاز، والفحم) كميته للأسف محدودة فالمتبقي من عمره قصير جدا – بمثابة طرفة العين – بالنسبة للحياة البشرية. وفقا للإحصائية التي تنشرها في شهر يوليو من كل سنة شركة البترول البريطانية BP الأخيرة لعام 2016 فإن الاحتياطي المؤكد للوقود الاحفوري في شتى أنحاء المعمورة (برا وبحرا) يكفي – حسب معدل الاستهلاك الحالي – لسنوات قصيرة لا تتجاوز عمر طفلة مولودة في تاريخ نشر هذا المقال كالتالي: البترول 50.7 سنة، والغاز 52.8 سنة، والفحم 114 سنة. واضح أنه مستحيل أن يستغني العالم عن الوقود الاحفوري بل العكس سيتعرض العالم في القريب المنظور الى عجز حاد مما يضطره للجوء الى المصادر غير التقليدية مرتفعة التكاليف. البترول من بين جميع مصادر الطاقة جميعها هو الوحيد الذي له استخدامات متنوعة أهم كثيرا من استخدامه كوقود لكن الإنسان مضطر اضطرارا قسريا لأن يستخدم البترول كوقود لأنه لا يوجد – حتى يومنا هذا – بديل اقتصادي (أي بتكاليف يستطيع أن يتحملها المستهلكون) للبترول في استخدامه كوقود في المواصلات (السيارات والطيارات) التي يستحيل أن يستغني عنها العالم. الجدير بالذكر كما هو واضح من الأرقام المذكورة أعلاه لأعمار أنواع الوقود الاحفوري الثلاثة فإن عمر البترول هو أقصرها عمرا، حيث أن عمر البترول لا يتجاوز 51 سنة فقط وهي فترة قصيرة لا تكفي – كما هو واضح من الواقع – لتطوير بدائل كاملة وإحلالها بالكامل مكان البترول ولا حتى مجرد تغطية جزء صغير منه كوقود للمواصلات ناهيك عنه كمواد خام لإنتاج المنتجات الصناعية. التوقعات تقول: إن عدد السيارات سيتضاعف من 1 مليار سيارة الى 2 مليار سيارة عام 2045 وبأنه يستحيل أن يستطيع البترول وحده أن يُلبي إحتياج السيارات للبنزين (المصدر تقرير Rystad). الخلاصة: في الآونة الأخيرة بدأت حملة شرسة تروج (ويبدو أنها نجحت) لفكرة أن العالم سيستغني عن البترول تستهدف التأثير بطريق غير مباشر على عقول النخبة في دول الخليج عن طريق نشر الكتب والمقالات والأفلام والمحاضرات التي تبدو في ظاهرها أنها علمية. كترويج نظرية التيكتونيكس (طبقات الأرض) التي تزعم ان البترول رحّال يهاجر من موطنه الأصلي الى الأماكن المهجورة. وكذلك أن البدائل للبترول – السيارات الكهربائية كمثال – ستغزو فجأة الأسواق لكي تؤدي نفس الأغراض التي يؤديها البترول.