الإحصاءات العامة أعلنت قبل أيام عن أن التضخم لشهر يناير الماضي وصل لمستوى "السالب" أو تضخم سلبي، وهي تحدث لأول مرة منذ 10 سنوات في المملكة، ماذا يعني ذلك؟ وماهي الدلالات التي تفهم من ذلك، والأثر الاقتصادي حول ذلك؟ قد يعتقد البعض وكما لاحظت مما يتداول ببعض وسائل التواصل الاجتماعي، أنها منجز وشيء إيجابي انخفاض الأسعار، بسبب حالة البطء الاقتصادي، وانخفاض الأسعار الكل يبحث عنه أو يسعى له، لأنه يعني أن قوتك الشرائية قد زادت مع انخفاض الأسعار، وثبات دخلك أو ارتفاعه، وهذا حقيقي، ولكن هل هذا الهدف؟ وتبقى معها العوامل الأخرى الاقتصادية غير متأثرة سلبا؟ الواقع يقول أن "التضخم السلبي" يعكس حالة بطء اقتصادي وتراجع، وأن مستويات الأسعار انخفضت بسبب "ضعف الطلب" أو القوة الشرائية، مما يحتم ويفرض على الشركات، أن تخفض أسعارها، وأن قوة الطلب تتراجع، بمعنى المبيعات تتراجع ومعها الأرباح، وهذا يؤدي بالشركات إلى أن تحجم عن التوسع والنمو "في الغالب" وهذا يؤدي إلى بطء القطاع الخاص، مما يؤثر معه في دوران وحركة رؤوس الأموال، وتقلص الأعمال وفرص الأعمال والعمل، وهذا نتيجة ضعف الطلب والإحجام عن الشراء، وكذلك سيؤدي إلى عدم دفع أو تشجيع كل مقبل على العمل في القطاع الخاص أو فتح مشروع ويجعله ينتظر أو يلغى الفكرة، والسبب أن القطاع وقوة الطلب غير مشجعة. مخطئ من يظن أن التضخم وتراجعه ناهيك عن أن يكون سلبيًا، يعتبر شيئا إيجابيا للاقتصاد، ولا يعني بالضرورة أن ارتفاع التضخم بمستويات أعلى من مستويات نمو الاقتصاد أو الدخل سيعتبر إيجابيا، المطلوب هو التضخم المتوازن، الذي يعني ويعكس حالة نمو الاقتصاد، فنمو أو ارتفاع التضخم "المتوازن" يعني حالة نمو في اقتصاديات النمو والإنفاق، وليس اقتصاديات النامية المدينة التي تعاني إشكالات اقتصادية عميقة يصعب علاجها، ولكن التضخم الحميد هو الذي يزيد من الطلب على السلع والخدمات، لوجود إنفاق وبناء وتنمية اقتصادية، فكل ما زاد ذلك زاد معها الطلب على السلع والخدمات والأيدي العاملة، وأصبح الاقتصاد أكثر نشاطا، وولّد فرص عمل يمكن خلالها خلق فرص وظيفية مع النمو الاقتصادي والإنفاق، يجب أن نقر الانكماش والبطء الاقتصادي وإن واكبه تراجعات سعرية في السلع والخدمات، فهي تعتبر منتجة للاقتصاد، والدول دوما تبحث عن خلق الانتعاش والنمو الاقتصادي، قد يرى البعض أنه له شخصيا ودخله ثابت، ولكن ماذا عن اقتصاد البلاد، فرص العمل، النمو، الاستثمار، وغيرها كثير، لا يجب أن تنظر للاقتصاد بأنانية شخصية، عوضا عن مصلحة عامة للجميع.