انتهى مقالي الأسبوع الماضي ومازال في نفسي الكثير عن موضوع ألعاب الفيديو كما في نفس الكثيرين ممن أرسلوا تعليقاتهم/ن على المعاناة أو الظاهرة. فلأبدأ بتصحيح وصلني من ابني أجواد بأن اللعبة التي ذكرتها الأسبوع الماضي والتي هي الأكثر شعبية والأكثر إرعاباً في محتواها الفكري و"الترفيهي" لعبة سرقة السيارات الكبرى ليست صحيحة في ترجمتها، فأوتو الانجليزية في Grand Theft Auto، يقصد بها الذاتية وليست السيارات، أي أنها تترجم إلى لعبة "السرقة الذاتية الكبرى". وهذا يجعل موضوع اللعبة أوسع تأثيراً. ما دعاني لإعادة الكرة في هذا الموضوع هو أن برنامج MBC في أسبوع تبنى الأسبوع الماضي الموضوع تحت عنوان "منظمات إرهابية تستغل الألعاب الإلكترونية" يوم الجمعة 10/2/2017 وقاموا باستضافة الدكتور عبدالعزيز الدخيل، رئيس جمعية الدراسات الاجتماعية السعودية، ودكتور آخر في علم الاجتماع الجنائي ليتحدثا حول خطورة أو عدم خطورة ألعاب الفيديو وصِلتها بالإرهاب. وقد كان نقاشاً مفيداً وتم فيه تناول كثير من الجوانب الإشكالية في موضوع الألعاب مثل الخطورة الاجتماعية للعب والإدمان، الحد العمري لاستخدام الأطفال وضرورة تقيد الأسواق بالبيع وفق العمر المحدد للعبة، وأهمية الإشراف الأسري. كما تم تناول قضية الألعاب المتصلة بالفضاء العنكبوتي والذي يجعل الأطفال عرضة للتعامل مع أغراب يمكن أن يستدرجوهم من حيث لا يدرون ولا يدري أهاليهم، لاسيما في المراحل المتقدمة من الألعاب. وهي أمور لا شك مهمة، ولكن ما لفت نظري وأراه نقطة أساسية تتعلق بمفهومنا للترفيه الذي كان الدكتور الثاني لا يرى فيه بأساً في أن يمارسه الأطفال طالما كان ذلك تحت إشراف الأهل دون اعتراض على المحتوى طالما كان العمر مناسباً. فلا بد في هذه العجالة من التنبه إلى مسألة مفهوم الترفيه الذي مهما كنا نقدر تقديم الخيارات والحرية والتنوع لأطفالنا، لكن هذا لا يعني أن نتركهم يتعرضون لمفاهيم العنصرية والعنف والإلغاء واختيار الأهداف الأضعف الخالية من القيم لتصبح هي قيمهم البديلة. ولا ينبغي أن يفوتنا أن هذه الخلفية الإدمانية، تعرضهم أيضاً إلى الاعتياد على نسق معين من التعامل مع الآخر ومع المكان أو مع الأشياء. وهنا يمكن أن نستحضر قيادة السيارة وألعاب السرعة والتهور التي لا تحترم الطريق أو الآخرين أو الحياة. ما معنى الترفيه لأطفال في السابعة عشرة يلعبون ألعاب العنف والقتل والسرقة وقد مضى عليهم تسع سنوات وعشر وهم يلعبون بها حتى تتطور علاقتهم بمن فيه، ممن يرصدون من يلعب جيداً ليضموهم في جيوش جولات اللعب الذي لا يشبه اللعب ولكنه يشبه.. الواقع؟