الفُصام * أنا فتاة في الرابعة والعشرين من العمر، طالبة في السنة النهائية في الجامعة. تقدّم لخطبتي شاب من عائلة جيدة، وضعهم الاجتماعي والمادي ممتاز. الشاب تخرّج من الجامعة ويعمل في وظيفة جيدة بمرتبٍ ممتاز وكذلك شكله وسيم وملتزم دينياً. المشكلة كما شرحتها لي شقيقته أنّه يُعاني من مرض الفُصام، وتم تشخيصه بهذا المرض قبل بضع سنوات. تزوّج قبلي بفتاة تربطني بها علاقة قرابة، وبعد بضعة أشهر من الزواج طلبت زوجته السابقة الطلاق وكان السبب أنَّ هذا الشاب الذي تقدّم لخطبتي لديه ضعف جنسي -كما تقول زوجته بسبب الأدوية التي يتناولها لعلاج مرض الفُصام- وكذلك سمعت أنَّ هذه الأدوية تُضعف الإنجاب. والدي طلب من أهل هذا الشاب أن يُحضروا تقريراً طبياً من طبيبه المُعالج بأنَّ المرض والأدوية التي يتناولها لا تؤثر على قدرته الجنسية وكذلك لا تؤثر على الإنجاب. شيء آخر سمعت به وهو أنَّ هذا المرض له علاقة بالوراثة، وأنَّ أطفاله قد يُصابون بهذا المرض. سؤالي هو: ما رأيك في الزواج من مريض بالفُصام، وهل الأسئلة والمعلومات التي سمعتها دقيقة؟ أرجو أن ترد على أسئلتي لأنَّي في دوّامة، وأميل للزواج من هذا الشاب لظروف إيجابية كثيرة أراها فيه، فأنا من عائلة متواضعة ومتوسطة الجمال. لك خالص الشكر والتقدير. ن.ع - الرياض * شكراً لثقتك بالجريدة وبالفريق الطبي العامل بهذه الجريدة. سؤالك في واقع الأمر ليس من السهل الإجابة عنه؛ فهو عدة أسئلة مُتداخلة في سؤال واحد: الزواج بمريض فُصام، أدوية مُضادة للذهان وتأثيرها على القدرة الجنسية وكذلك على الإنجاب، وكذلك السؤال المهم: الوراثة في مرض الفُصام. مرض الفُصام، مرضٌ صعب، ولكن يجب أنْ يتم تقييم كل مريضٍ على حدة؛ فمرض الفُصام يُعتبر طيفاً، فهناك مرضى بالفُصام وضعهم ليس سيئاً، ويستطيعون الزواج والإنجاب، وكذلك يستطيعون أن يعملوا بشكلٍ مقبول. برغم ما قلته، فربما تكون هذه النسبة قليلة لا تتجاوز 25%. لذلك كونه يُعاني من مرض الفُصام ليس سبباً كافياً لرفضه. يجب أنْ تعرفي إلى أي مدى أثّر به المرض؟ وهل تمكَّن المرض منه وقاده إلى تدهور حالته العقلية وأصبح غير قادرٍ على مواصلة حياته بشكلٍ طبيعي، وكذلك هل أثّر المرض على عمله وجعله غير قادر على العمل. هذه الأسئلة تخص مرض الفصام. بالنسبة للأدوية التي يتعاطاها مرضى الفُصام، أيضاً أدوية متنوعة؛ فبعض هذه الأدوية فعلاً تؤثر سلباً على القدرة الجنسية، وتجعل المريض الذي يتعاطى هذه الأدوية غير قادر على ممارسة الجنس بصورةٍ طبيعية. بالنسبة للإنجاب، فإن أكثر الدراسات تُشير إلى أنَّ مرضى الفُصام أقل خصوبة من عامة الناس، لذلك تقل قدرتهم على الإنجاب. بالنسبة للوراثة فإنَّه فعلاً هناك دور للوراثة في الإصابة بمرض الفُصام، فالابن الذي يولد لوالد مُصاب بمرض الفُصام تزيد نسبة إصابته بهذا المرض إلى 10% تقريباً، مُقارنةً ب 1% عند عامة الناس. بعد كل هذه المعلومات التي ذكرتها لك، فالاختيار هو لكِ؛ أنتِ من تقررين عما إذا كان هذا الشاب يصلح لك كزوج بعد أن شرحتُ لكِ ما هو مرض الفُصام، وكذلك ماهي الأعراض الجانبية لأدوية الفُصام وتأثيرها على القدرة الجنسية، وكذلك على الإنجاب. يجب عليك أنْ تعرفي أكثر عن مرض الفُصام، وبصورة دقيقة عن المرحلة التي وصل لها الشاب الذي تقدّم للزواج منك، كذلك ليس هناك من ضررٍ من أن تتحدثي مع الفتاة التي تزوّجها وطلبت الطلاق منه، وأنْ تعرفي بصراحة ماهي الأسباب الحقيقية التي دفعت بها لطلب الطلاق من شخص -برغم إنّه مُصاب بمرض الفُصام- لديه بعض الميزات الإيجابية؛ مثل أنّه من عائلةٍ جيدة ووضعهم المادي ممتاز، وكذلك الشاب خريج جامعة ويعمل في وظيفة جيدة. يجب أنْ تُفكري بعمقٍ وتروٍ، فهذا القرار يعتمد عليه سعادتكِ وتعاستك بنسبةٍ كبيرة جداً في المستقبل. أتمنى لك من الله التوفيق فيما تُقررينه.