في عز انشغال الوسط الرياضي السعودي ببنتلي محمد العويس، وحكاية لاعب الوسط البرازيلي إلتون خوزيه ورئيس لجنة الاحتراف الدكتور عبدالله البرقان، وهروب مدرب النصر زوران ماميتش، وتصريحات جاسم الياقوت، لم يرعَ اهتمام أحد أن مركز التحكيم الرياضي الذي انطلقت أعماله قبل نحو شهرين قد أصدر حكمه في القضية الثانية التي ينظر فيها وكانت ضد الاتحاد السعودي لكرة القدم، وجاء الحكم في كلتيهما لصالح المدعي. كثيرون من المتلبسين زوراً بصفة النقاد الرياضيين لم يهمهم حيثيات القرار ولا مضامينه، فكل ما عناهم فيه أن إلتون عاد ليلعب رغم أنف البرقان، لكن من أعاده، وكيف عاد؟ لم يكن مهماً، وذلك لم يكن مستغرباً لمن يفهم واقع الوسط الرياضي اليوم، ففكر "تجار شنطة" النقد الرياضي الذي بات يستحوذ على المشهد الإعلامي مبني على ثقافة "دق الخشوم". اللافت في قراري مركز التحكيم الرياضي أن المُدعى عليه هو الاتحاد السعودي لكرة القدم، إذ صدر الأول في 29 ديسمبر الماضي بحكم نهائي لمصلحة أحمد الوادعي المرشح لمنصب نائب الرئيس في انتخابات اتحاد الكرة، والثاني صدر الخميس الماضي بقرار مؤقت لمصلحة القادسية في قضية إلتون، وهو ما يؤكد بلا أدنى شك انتصار فكرة إنشاء المركز ونجاحه مع بداية خطواته الأولى. فكرة إنشاء منظومة للتحكيم الرياضي ليست وليدة اليوم بل هي وليدة أعوام بعيدة، لكن الخوف من ردات الفعل المجتمعي في ذلك الوقت، والتلكؤ في اتخاذ القرارات، وخشية الضرر منها، وبقاء الرياضة السعودية في حال المراوحة في كثير من الأمور، جعلنا نستهلك سنيناً في النقاش من دون أن نتقدم خطوة أخرى بعد خطوة الفكرة، إذ انشغل الوسط الرياضي في مناقشة مسمى المنظومة، أهي محكمة رياضية، أم هيئة، أم دائرة؟ ما حدث اليوم أن ثمة رجلاً شجاعاً وعملياً هو الأمير عبدالله بن مساعد أخذ الفكرة وأدخلها ورشة التنفيذ وأخرجها لنا بأفضل مما كنا نتصورها، إذ تحولت لمشروع بصبغة ومضمون عالميين، بمعاييرها ومحكميها، وهو ما يؤكد بأن الأمير عبدالله بثقافته وتجربته وطموحاته بات يسبق الوسط الرياضي في تطلعاته وآماله بخطوات، وهو ما أثبتته سلسلة القرارات والمشروعات التي بات يفاجئنا بها بين حين وآخر.