مهمة عسيرة تلك التي سوف تتولاها الهيئة العامة للعقار، التي صدرت موافقة مجلس الوزراء على إنشائها، فهي من المحتمل أن تكون محل جذب بين أولويات وزارة الإسكان في العناية بما يتصل بقضايا الإسكان تحديداً في القطاع العقاري، وبين المنتمين والمهتمين بالقطاع، الذي يتعدى نطاقه حدود الإسكان، وإن كان يمثل حيزاً كبيراً منه. صعوبة المهمة وتعقد مسؤولياتها تكمن في مدى إمكانية نجاح هذا الكيان الجديد للدور المتوقع على أرض الواقع، خاصة مع تعدد الجوانب، التي تتراوح بين المنتج كما يوحي به اسم الهيئة، والأنشطة العقارية ليصل إلى الممارسين لهذه الأنشطة في القطاع، وحتى أتمكن من رسم تصور واضح لصعوبة دور الهيئة، دعوني أستعرض بشكل مختصر لملامحه، منطلقاً من أول تلك المجالات وهو المنتج، حيث إنه بمجرد التفكير في هذا العنصر الذي يتوقع أن تولى الهيئة العناية والاهتمام بكفاءته وملائمته للمستفيد النهائي، سنجد أن الهيئة أمامها مدى واسعاً يصعب أن تلم بشؤونه فهذا المنتج، يمتد رأسياً في أدناه من دكان في سوق تجاري، ليصل في أعلاه إلى ربما مدينة ذات غرض استثماري، كالمدن الاقتصادية التي رأينا البعض من المنتمين للقطاع العقاري من يعلن عن قدرته على تولي تطويرها، وأفقياً تنطلق من دائرة المنشأة السكنية، لتتسع إلى المنشأة التعليمية فالصحية والتجارية والصناعية والسياحية والترفيهية الخاصة ونحوها، بل تمتد إلى الأطراف لتشمل كذلك المنشآت الزراعية، فكل تلك الأنواع تندرج ضمن المنشآت العقارية الذي ينتجها القطاع..! أما حين النظر إلى الأنشطة العقارية التي يمارسها القطاع، التي تتراوح ما بين نشاط الوساطة العقارية، إلى الخدمات العقارية المشتملة على إدارة الأصول، ونشاط الاستثمار والتطوير والتسويق العقاري وكذلك التثمين العقاري وغيرها من الخدمات العقارية، فسنرى بكل وضوح أن الهيئة حين تشرع في أداء مهامها ستشاهد أمامها فئتين من تلك الأنشطة، أحدهما مهني كإدارة الأصول والتسويق العقاري ونحوها، والآخر تجاري مثل الوساطة والاستثمار والتطوير العقاري وخلافها، وحينها ستجد الهيئة أنه لا بد أن تتوقف وتحدد بشكل قاطع من ستشمله رؤية وبرامجها من الأنشطة المهنية والاستثمارية التي تمارس في القطاع، لإدراكها حينئذ بأنها لا يمكن أن تؤدي المهمتين، فتصبح مؤسسة تنظيمية ومهنية في الوقت ذاته. ذات المشهد يتكرر كذلك في صعوبته أمام الهيئة تجاه الممارسين للأنشطة العقارية وما يحتمل أن تواجهه حين تكون المرجعية للأنشطة المختلفة للقطاع العقاري وساطة وخدمات واستثمار وتسويق عقاري وتداخل المهني منها بالتجاري، فالممارس للنشاط العقاري وفق ما تنص عليه لائحة تنظيم المكاتب العقارية التي يتم اتباعها حالياً يعد تاجراً، حيث لم يتكيف القطاع تنظيمياً حتى الآن مع الكوادر المهنية التي بدأت المؤسسات التعليمية والمعاهد المتخصصة في الداخل والخارج تدفعها سنوياً للدخول في هذا المجال. فإلى من سيتوجه وينصب اهتمام الهيئة العامة للعقار بعد الموافقة على إنشائها؟