تحظى الزلفي التي تحتل مساحة مقدارها "5400كم"، بزيارة كريمة من لدن الأمير الثاني عشر لمنطقة الرياض في العصر السعودي الثالث الميمون، وسموه الكريم ليس غريباً عن محافظة لها مكانتها التاريخية البارزة، والتي تمتاز بها عن بقية المحافظات الشمالية لمنطقة الرياض؛ فعلى سبيل المثال يتصور البعض خطأً أن تاريخ الاستيطان بها لا يتعدى الفترة الإسلامية لشهرة شاعر وادي مرخ "الحطيئة"؛ لكن موقعها الإستراتيجي الذي مع الأسف أهمله مخطط الطريق السريع فابتعد إلى الغرب منها بنحو "30" كيلاً ، تداركه مع حسن الحظ مشكورًا منشأ سكة الحديد فأسعد أهل ثالث أكبر محافظة من حيث عدد السكان بعد الخرج، بقرار إنشاء محطة سكة حديد تليق بتاريخ الزلفي ومكانة أهلها وقبائلها ليس لدورهم الناصع في التاريخ الحديث، بل دورهم في الجدار الحضاري لشبه الجزيرة العربية القديم، أقول: إن سموه الكريم ليس غريبًا عن المحافظة فقد كان آخر منصب تقلده سموه في خدمة الوطن هو إمارة منطقة القصيم التي لا تبعد إلى الغرب من المحافظة إلا ما بين 70 إلى 80 كيلاً؛ فهو يعرفها ويعرف مكانة أهلها وقدراتهم. وزيارته اليوم حفظه الله- للمحافظة تسعد الجميع وتسرهم لأنه يلتقي بهم للمرة الأولى في محافظتهم التاريخية الزلفي. وأنا على ثقة أن سموه الكريم سيلمس منهم ويستمع إلى ما يسره ويسعده، وأولها ولاؤهم ومحبتهم لولاة أمورهم، وأنهم في ظل هذا الحكم الشامخ يعيشون بما أنعم الله عليهم من نعم وخيرات متعددة، لكنه وهو أمر طبيعي سيستمع بل سيلمس حاجة المحافظة لعدد من الطلبات والمشروعات الهامة خصوصًا تلك المتعلقة بالصحة والتعليم والطرق، فرغم الجهود الطيبة والملموسة إلا أن المحافظة تحتاج إلى الكثير على سبيل المثال طرق لائقة تربط قراها ومراكزها، وتخطيط للمدينة يليق بمحافظة تحتل موقعًا استراتيجيًا هامًا. وأنتهز هذه المناسبة السعيدة والسارة خصوصًا للمكانة التاريخية التي تتمتع بها الزلفي مقارنة بمحافظات منطقة الرياض الشمالية، إذ إن عمقها التاريخي يعود كما دلت الدراسات العلمية الحديثة أنها كانت مأهولة في العصور الحجرية القديمة وأن موقعها الإستراتيجي الهام وطبيعة بيئتها جعلتها الموقع الوحيد في المنطقة الذي وجدنا به معثورات أثرية تعود إلى العصر المصري القديم (الفرعوني) بخلاف مدينة الفاو عاصمة كندة جنوب منطقة الرياض، وأبرزها معثورتان: دلاية عبارة عن رأس آدمية مشكلة من البرونز، وتميمة على هيئة جعران عثر عليهما الأخ "خليف بن عبدالرحمن العيد". وهذه الأدوات القديمة إضافة إلى العملات الساسانية والنقوش الثمودية تعطي دلالة واضحة ليس فقط على العمق التاريخي للمحافظة، بل أيضًا إلى استمرار الاستيطان وعدم انقطاعه في المحافظة، وعلى الصلات الحضارية بين الزلفي والمراكز الحضارية في العالم القديم داخل الجزيرة وخارجها مثل: العراق وسوريا الكبرى ومصر. لذلك فإني أقترح بهذه المناسبة إنشاء مركز ثقافي يليق بالزلفي تحت اسم: "مركز الملك سلمان الثقافي"، يضم متحفًا ومسرحًا ومكتبة عصرية ومعهدًا تدريبًا يخدم المحافظة وأهلها. فحللتم أهلاً ووطئتم سهلاً - يا سمو الأمير- في مدينتكم التي تفتح قلبها كما فتحته لمن سبقكم بكل الود والاحترام.