نتابع المشاهد الدراماتيكية لقضايا سعيد المولد، إلتون خوزيه، ومحمد العويس، لا يمكننا إيجاز المشهد وحصره إلا بعبارة واحدة: فوضى قانونية وتنظيمية. أول سؤال يبرز: لماذا لا تظهر هذه السيناريوهات الهوليوودية إلا في رياضتنا؟.. الإجابة ببساطة هي: غياب التنظيم وتجاهل القوانين، وأنا هنا اختلف مع من يقول أنه لا يوجد لدينا قوانين، بل العكس القوانين موجودة لكنها لا تطبق في بعض الأحيان بينما تكون في أحيان أخرى بأيدي أشخاص غير متخصصين ولا يجيدون تطبيقها. أعود إلى غياب التنظيم، فأقول لماذا لم يختف لاعب في الدوري الإسباني أو الإنجليزي قبل دخوله الأشهر الستة؟ بل حتى الدوري المصري أو المغربي؟.. في عالم كرة القدم في أوروبا يقدم النادي العرض الذي يعتقد أنه مجز للاعب المطلوب، وبناء على دراسة مالية وتسويقية، فإن قبل اللاعب أو يتم سحب العرض، أي أن المسألة خاضعة للدراسة والتقييم والعرض والاحتياج، وليست بناء على تحد يقوده عضو شرف أو رئيس ناد سيغلق جواله حينما يحين موعد الدفع! وبخصوص التنظيم أقول: لو أن الاتحاد السعودي لكرة القدم يتخذ إجراءات مالية صارمة تجاه ديون الأندية ومقارنة الدخل بالمصاريف لما شاهدنا هذه المزايدات، أي تطبيق قانون اللعب المالي النظيف، فليس من المعقول أن يتقدم نادي بعرض قيمته 40 مليونا للاعب ما وهو يعاني من ديون تصل إلى 150 مليونا، كما لو أن لجنة الاحتراف فعّلت لائحتها ضد الأندية التي لا تلتزم بالسقف الأعلى للراتب السنوي، لما استمرت هذه المزايدات. أما عن القانون فالحديث ذو شجون، اللوائح يوجد لدينا لوائح واعتبرها واضحة إلى حد كبير، لكن عندما تأتي لجنة الاحتراف وتصدر قرارا ضد لاعب أجنبي دون أن تعطيه حق الدفاع، وتصدر عقوبة ليس لها نص في اللوائح المحلية أو الدولية، هنا نستطيع أن نقول إن المشكلة في من يملك صلاحية تطبيق القانون وليست في القانون نفسه، ونعود هنا إلى إسناد اللجان القضائية أو الأخرى الحساسة مثل لجنة الاحتراف إلى غير مختصين في القانون، وهذا قدر لجنة الاحتراف أنها منذ تأسيها في عام 1992 حتى يومنا هذا لم يرأسها إلا أشخاص غير قانونيين، وهذا خطأ فادح، بل اعتبره من الأسباب الرئيسية لتراجع مستوى الاحتراف لدينا. قضية سعيد المولد اعتبرها أعقد من قضية إلتون لسببين: أولها أن المولد فسخ عقده بسبب غير مشروع، عكس إلتون الذي يوجد لديه سبب لفسخ العقد، وثانيها: أن هناك مادة صريحة في لائحة الاحتراف تشدد على أن اللاعب (السعودي) الذي يفسخ عقده ويتعاقد خارجيا لا يمكنه العوده إلا إلى ناديه الأصلي، ومع هذا تجاوزت لجنة الاحتراف قضية المولد، وتزمتت في قضية إلتون.. فهل في الأمر أزمة فهم للقانون أم حالة مكابرة لا نعلم متى تنتهي؟