من رحم الأزمات تولد الكفاءات، وهل هناك أكبر من مصيبة الاتحاديين في فقد رئيس ناديهم السابق أحمد مسعود «رحمه الله»؟!. كانت الأسابيع الأولى لعمل الراحل مليئة بالكفاح، مجرد موافقته على العودة لمنصب الرئيس وهو الذي سجل نجاحات كبيرة في فترات سابقة وقاد «العميد» لإنجازات خلدها التاريخ الرياضي وفي وقت أنهكت النادي الكبير الديون ذات الملايين الصعب احتواؤها هو بحد ذاته قرار جريء يشع ثقة ومحبة وإخلاصا، رحل مسعود، فكان ذلك خسارة لا يماثلها خسارة للرياضة في بلادنا وللاتحاديين على وجه الخصوص وهم من عانوا من مجالس إدارات لم تكن تعمل للارتقاء باسم ناديهم؛ بقدر مضاعفة ديونه والخروج بمكتسبات شخصية وقتية، ووعود حالمة كاذبة كان الزمن كفيلا بكشف كل الحقائق، وليتها كانت على قدر المتوقع فقط!!. رحل مسعود وظن الاتحاديون أن ناديهم في طريقه للموت هو الآخر؛ غير أن النائب حاتم باعشن الذي اختاره الرئيس الراحل بعناية لم يكن نائبا لرئيس نادٍ بالمكانة المتواضعة البعيدة عن الأضواء والعمل الحقيقي كما هو متعارف عليه في أنديتنا، صنعت الأزمة الكبيرة إنتاجا كفاءة جديدة انبرت للمسؤولية بكل قوة وثقة، حافظ أولا على نسق إدارته وأعاد ترتيب بعض الأوراق؛ فعمل على أصعدة مختلفة أهمها وأكثرها مشقة العمل على إغلاق ملفات الديون التي كلما عالج واحدة ظهرت أخرى، وفي الوقت ذاته مواصلة تدعيم الفريق، وتوقيع عقود رعاية كما شاهدنا جميعا خلال المباراة الاستعراضية التاريخية أمام أتليتكو مدريد فاستحق باعشن اليوم أن يكون الرئيس الأبرز على الرغم من قرار سحب ثلاث نقاط من رصيده في «دوري جميل». لايزال الاتحاد وسط هذه الأزمات الصاعقة حاضرا في المنافسة على الدوري، كل ما ظهرت قضية محبطة سجل لاعبوه الفرح لجماهيرهم بصورة لافتة لاقت إعجاب وتعاطف الاتحاديين قبل غيرهم، كم هو مؤسف وظالم أن تتحمل إدارة باعشن كل شيء وهي التي جاءت للقيام بدورها في تسيير أمور النادي لا بمعالجة كوارث غيرها من الاتحاديين أنفسهم ومن مسيري الرياضة السعودية بمسمى (الرئاسة العامة لرعاية الشباب) وكذلك هيئة الرياضة والشباب فكلاهما ترك للفوضى طريقا لعبث العابثين بالأندية وجماهيرها، لغياب الرقابة المالية، ورحيل كل إدارة سابقة من دون إبراء ذمة مجلس إدارتها، إذا كانت الأندية تتحمل جزءا من المسؤولية لسوء إدارتها للأموال، وثغرات العقود المبرمة مع المدربين والأجانب ولضعف متابعتها للقضايا المرفوعة ضدها فيبقى على مسؤولي الرئاسة سابقا والهيئة اليوم اللوم الأكبر حين تركت أنديتنا لقمة سائغة على طريقة: رماه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء!!