في كل مرة تنتشر فيها قرارات الفصل لعشرات أو مئات السعوديين من الشركات، كنا ننتظر تدخل وزارة العمل بقرارات حازمة باستمرار عملهم لحين القناعة بأسباب الفصل لعدم التسلط واستغلال ثغرات النظام، إلا أن الواقع الذي يعيشه موظفو القطاع الخاص بترك الشركات توظف وتفصل وتستقدم بدون رقابة فاعلة أتاح الفرصة أكثر للكثير منها بالتمادي بفصل المواطنين دون الأجانب وتحول المئات وربما الآلاف منهم فجأة لعاطلين مع حالة يأس من التأخر في البت بقضاياهم وعودتهم لعملهم. فأساس المشكلة تكمن في شعور مؤسسات وشركات القطاع الخاص بأن توظيف السعوديين هو منحه منها وليس حقا للمواطن بالعمل بوطنه، فجميع التصريحات الرسمية كانت تدعو وتستجدي الشركات لمنح الفرصة للمواطنين بالعمل وتمنح من يوظف المواطن بأي وظيفة التأشيرات والألوان الزاهية التي ترفع من إمكانيات الاستقدام ونقل الكفالة!، وفي المقابل الاكتفاء بالوعد بالتحقيق عند فصل المواطنين ودعوتهم للتقدم برفع قضايا دون إلزام الشركة برواتبهم خلال فترة التقاضي وثبوت مبررات الفصل!، والمؤسف أننا ننسف خلال أشهر قليلة نجاحا تحقق بعد جهد كبير وسنوات بتخلص الخريجين من فكرة الوظيفة الحكومية وإقبالهم على العمل بالقطاع الخاص، بعدم حماية المواطن من الفصل ومعاودة موظفي القطاع الخاص للبحث عن الوظيفة الحكومية وبإقل راتب! فالجميع يرغب في الاستقرار الوظيفي وتكوين إسرة تعتمد على دخل الوظيفة ولكن تأثير تجاهل الحل الجذري لتسلط الشركات بفصل السعوديين تجاوز بطالة المواطن إلى أمر أكبر وهو رفض أولياء أمور الفتيات بتزويج بناتهم إلى موظف في شركة قد يتعرض للفصل وهذا أمر فيه انتكاسة كبيرة لثقافة إيجابية انتشرت بالمجتمع لتشجيع الشباب للعمل بالشركات ومميزاتها، وليس من المعقول أن تكتفي الجهة التشريعية والرقابية بإقرار رسم "ساند" يدفعه الموظف لاستلام مكافأة شهرية لمدة سنة إذا فصل. إن الاهتمام بالسعودة في وظائف الشركات لايكون بفرض رسوم على أجانب واحتساب نقاط للمواطنين، بل الأمر أكبر في حماية الموظف السعودي ولو اضطرت جهاتنا إلى التدخل في العمل الإداري بفحص الوظائف القيادية بالشركات التي تسيطر عليها جنسيات ورواتبهم العالية وعلاقتهم بالموارد البشرية، وأيضا فحص أسماء الموظفين السعوديين بالشركة وخصوصا العالية رواتبهم منهم للتأكد من أساس تعيينهم بتلك الرواتب وطبيعة أعمالهم الفعلية! وإذا كان السبب إعادة هيكلة أو مواجهة صعوبات مالية فيجب أن لايكون ذلك على حساب صغار الموظفين ومن لن يكون له راتب تقاعدي، ومع التوجه العام للدولة بالتخصيص يستلزم الأمر التشدد مع الشركات لعمل المواطن فعليا لديها وحمايته، وخصوصا الذي يعمل بإخلاص للوظيفة وملتزم بالعمل.